أكرم القصاص

سياسة الاستحواذ الاحتكارى

الجمعة، 30 مارس 2012 09:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا يتضايق الإخوان من النقد وهم حزب أغلبية، كنا نأخذ على الحزب الوطنى الرغبة فى «التكويش» والاستئثار والاحتكار، وكان وزراء يجمعون بين المنصب الحزبى والمنصب التنفيذى فى الحكومة، والتشريعى فى مجلس الشعب، فتتداخل الوظائف والقرارات. لم تنته أزمة الجماعة مع الجمعية التأسيسية، ورغبتها فى فرض تصورها بأشخاص، بعضهم لا علاقة له بالدستور أو السياسة أو النقابات، مع استبعاد أى علماء، بما يشير إلى التعامل باستخفاف مع قضية مصيرية استغلالا لثغرات دستورية غامضة.

لم تنته الأزمة حتى قرروا ترشيح الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، لرئاسة الجمعية التأسيسية. رئيس مجلس الشعب سوف يرأس جلسات المجلس فى وقت انعقاد الجمعية مثلما جرى الأربعاء، فهل سيكون لدى رئيس المجلس وقتا لمتابعة أمرين، كلاهما خطير، وهل يتجاهل واحد على حساب الآخر، وهل يتم منحه رئاسات تشكيلات ومؤسسات أخرى مثل الشرطة والقضاء والمجالس العليا، مثلما كان يجرى فى السابق؟ هناك رغبة لدى الجماعة فى احتلال كل مواقع الحزب الوطنى، والجمع بين المناصب دون ترك أى مساحة للتعاون.

ولا توجد أجوبة غير الطريقة الاستعلائية ورفض الانتقادات، ويمكننا أن نتوقع الدفع بأهل الثقة فى المواقع بصرف النظر عن الكفاءة، استمرارا لنظرية كانت أحد أسباب التفكك السياسى، وسيادة النموذج السابق للسلطة، وأعراض الحزب الوطنى، مع التأكيد على أن نواب الجماعة منتخبون بطريقة تختلف عن التزوير الانتخابى للحزب المنحل الذى كان يحتكر، ثم يسمى احتكاراته استحواذا.

الجماعة أصبحت تضيق بالنقد. رأينا مرشد الإخوان يبدى ضيقا بالإعلام، ويصف الصحفيين بأنهم سحرة فرعون، تزامنا مع هجوم فى البرلمان ولجان مجلس الشعب على الإعلام، ومطالب بالتقييد والحصار، دون قدرة على معرفة حجم التحول فى الإعلام وأدواته. يعتبرون أى انتقاد للجماعة عداء وحربا، مع حالة من الانحياز «الألتراسى» تتجاوز المنطق أحيانا.

تصورهم عن الأغلبية مايزال غائما، ولايرى الإخوان أهمية تدعيم الأغلبية الانتخابية بأغلبية سياسية تسعى لاكتساب التأييد والتنسيق والتقارب، وتوسيع دائرة المسؤولية السياسية. الأهم هو مدى قدرة الإخوان على حل المعضلات التى تواجههم، ومنها التداخل بين الجماعة والحزب والتنظيم، وأيضا مدى قدرتهم على التعامل مع الخلافات السياسية فى الساحة.

ومع كل الانتقادات للجماعة، فإن التيارات الليبرالية واليسارية هى الأخرى تتحمل جزءا من مسؤولية ما يحدث، فهى تيارات مفككة ومتناقضة، ولا تتوحد حول أى هدف، وتواصل اعتراضاتها، وتعجز عن تقديم أداء سياسى، وهو أمر يعطى دفعات للجماعة فى أن تواصل التقدم فى أرض فارغة وخالية، وهو جزء من أزمة السياسة.

والنتيجة أنه وسط كل هذا الانشغال بـ«التكويش» على السلطة، تغيب أى رؤية لمواجهة أزمات الاقتصاد، والصحة والفقر، وتعجز الأغلبية والأقلية عن تلبية رغبة الشعب الذى يقف متفرجا على صراع لا يرى أنه يخصه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة