دع اختلافك الفكرى مع حزب النور السلفى وأهله فوق أقرب «رف»، واخرج من قوقعة الحوار والمعارك حول دينية الدولة أو مدنيتها، أو استغلال الحزب للدين فى الدعاية لمرشيحه، أو الترويج لسياساته، وتعال نتكلم عن بعض الجوانب التى قد تبدو مشرقة فى أول تجربة سلفية حزبية على أرض وطن، كان كل مايملكه من معرفة عن السلفيين قبل الثورة، بقايا من ذكريات سنوات الإرهاب والتطرف، وكثير من الفضائيات الدينية التى حصرت الفكر السلفى فى نطاق فتاوى الفضائيات، وعمليات التحريم والتحليل.
مرة أخرى بغض النظر عن الاختلافات الفكرية والفقهية مع حزب النور، لابد أن نعترف أنه لا أحد فى مصر، كان يتوقع أن ينجح التيار السلفى فى وضع بناء هيكلى محترم لحزب سياسى، أصبح فى فترة قليلة أقوى تنظيما وتأثيرا، وأقل عشوائية وفوضى، وأكثر قدرة على اتخاذ قرارات تنظيمية سريعة وحاسمة ضد أفراده من أحزاب تجاوز عمرها السنوات مثل العربى الناصرى والتجمع والوفد.
نقطة صغيرة ربما لا تمثل لك أى أهمية، يمكنك من خلالها أن تكتشف تفوق النور تنظيميا على الأحزاب الكبيرة الأخرى بما فيها الحرية والعدالة، وهى تخص المتحدث الرسمى للحزب، فالنور هو الحزب الوحيد تقريبا الذى يتحدث باسمه من سماهم الحزب متحدثون رسميون باسمه، سواء كان بكار أو حماد أو عبر الظهور المحسوب لرئيسه عماد عبدالغفور، وهو أمر نادر الحدوث مع الأحزاب القديمة الأخرى، التى لانعرف لها متحدثا، ولا تهتم بالرد أو توضيح ما ينشر عنها من أخبار، كما أنه لايبدو واضحا فى حزب الحرية والعدالة الذى لم نعرف حتى الآن، كيف نفصل بينه وبين جماعة الإخوان.
الكلام السابق يبدو ضروريا قبل الحديث عن موقف حزب النور المحترم من المرشح حازم صلاح أبوإسماعيل، ففى الوقت الذى تتحسس التيارات الإسلامية تصريحاتها تجاه مسألة دعم الشيخ حازم، خوفا من أن تتهم بصنع الفرقة فى التيار الدينى، خرج يسرى حماد ليعبر عن القناعات السياسية للحزب، دون الخضوع لسطوة الانجراف الدينى نحو الشيخ حازم، وقال إن الشيخ حازم صورة مشرفة للداعية السلفى، ولكن ليس هو الرئيس الذى تطلبه مصر الآن، فمصر تحتاج الهدوء.
موقف حزب النور الناضج من ترشيح حازم صلاح أبوإسماعيل الذى أتمنى ألا يتغير بضغوط المشايخ، أو عموم أنصار الشيخ وتهديداتهم بمقاطعة الحزب، إن لم يعلن تأييده الكامل لحازم صلاح أبوإسماعيل، أتبعه موقف آخر يخص قضية سحب الثقة من حكومة الجنزورى، ففى الوقت الذى ظن الجميع أن حزب النور لن يكون سوى مجرد تابع للحرية والعدالة، أعلن الدكتور عماد عبدالغفور رفض الحزب الضغط من أجل سحب الثقة من الجنزورى، وقال عبدالغفور إن حكومة الجنزورى أداؤها سلبى وضعيف، ولكن الفترة المتبقية لها لا تستدعى الدخول فى معركة تستنفد جهود القوى السياسية، التى يجب توجيهها نحو أعمال أهم، مثل وضع دستور مصر، وانتخاب رئيسها.
هل يصمد حزب النور أمام طوفان التأييد الدينى لحازم صلاح أبوإسماعيل، وهل يخضع الحزب سريعا لضغوط رموز التيار السلفى من مشايخ ودعاة، أعلنوا تأييدهم للشيخ حازم.. هنا يكمن الاختبار السياسى الصعب لحزب النور، إما أن يقول للناس أنه حزب سياسى، قراراته مستقلة، أو يسقط فى الاختبار، ونكتشف جميعا أننا أمام ولاية فقيه تستعد للانقضاض على هذا الوطن!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة