كتيبة الإعلاميين وأساتذة الجامعات والسياسيين فى نظام مبارك لاتزال تمارس الكذب وتتلاعب بالعقول بنفس الطريقة القديمة، ظنا منهم أن الشعب لم يتغير، والأمثلة للأسف كثيرة وفى كل المجالات، لأن مبارك سقط، لكن «المباركية» فكرا وسلوكا باقية وفاعلة على جميع المستويات، لذلك فإن ثورتنا لم تنجح ولم تكتمل..
ونظرة واحدة إلى الفضائيات الخاصة والعامة والصحف، ستجد رموز نظام مبارك ينظرون للثورة وينصحون الثوار، وكل واحد منهم يرتدى عدة قبعات، فهو كاتب، وباحث إستراتيجى، وأستاذ جامعى، وعضو سابق فى لجنة السياسات، وفى كل مناسبة يكشف عن إحدى قبعاته، فهو فى برنامج تليفزيونى يرتدى قبعة الباحث الإستراتيجى، وفى ندوة علمية يعتمر قبعة الأستاذ الجامعى، وهكذا يتنقل بين قبعاته ومواقفه فى سهولة ويسر، ومن دون خجل أو تأنيب ضمير.
الكذب والتلاعب بعقول وعواطف الناس لعبة يمارسها أيضا المجلس العسكرى والحكومة، فقد فجرا ورقة التمويل الأجنبى مع واشنطن، حتى يشغلا الرأى العام بقضية خارجية، ويجدا شماعة لتعليق سوء إدارة البلاد، واستمرار الانفلات الأمنى، وارتفاع الأسعار، فهناك مؤامرة خارجية، وأموال وخطط وعملاء، إلى آخر تلك المفردات التى تشكل الثقافة السياسية لـ«المباركية»، وهذه المؤامرة وراء كل المشكلات. حسنا لنصدق ذلك، فالعالم لا يخلو من مؤامرات، لكن أين أنتم ولديكم مسؤولية إدارة البلاد، ولديكم أجهزة أمنية واستخباراتية على أعلى مستوى؟، ولماذا سمحتم للمتآمرين فى الداخل والخارج بالتحرك والتخريب؟، ثم أخيرا لماذا تراجعتم وسمحتم للمتهمين الأجانب بالسفر، رغم علم الجميع بأن أى أحكام ستصدر فى المستقبل ضدهم لن تنفذ؟!
ورقة المؤامرة الخارجية قديمة وممجوجة، لكن للأسف تجد من يصدقها، حين توظف مشاعر الكرامة، وتستغل الوطنية المصرية بدون وجه حق، وفى غير مكانها، ضد التهديدات الأمريكية بقطع المعونة، ثم فى مواجهة تقاعس الدول العربية عن مساعدتنا، والمؤسف أن الجنزورى خاطب الحكام العرب بلغة أقرب لشكوى الفقير الضعيف عندما يرفض المحسن الغنى أن يساعده. إن لغة الاستجداء مرفوضة قبل وبعد الثورة، وكرامة المصريين يا جنزورى - إن كنت تفهم معناها- تحتم علينا الاعتماد على النفس، والأخذ بالمقترحات الكثيرة التى قدمها خبراء اقتصاديون وطنيون.
أما اللعبة الأخيرة فهى الأخطر، لأنها قد تعنى تسرب منظومة الكذب والتضليل والفساد إلى البرلمان، وتجذرها فى حكومة الجنزورى، فوزير الحكم المحلى، وهو متهم بكونه أحد فلول القضاء، أعلن أن انتخابات المحليات ستجرى وفق قانون المحليات القديم، لكن شباب الثورة وحركة محليات رفضوا ذلك، فاضطر الوزير العجوز- فوق الستين- بثوريته المعروفة إلى التراجع، والإعلان عن العمل لتعديل القانون القديم، وطبعا جاء بلجنة أغلبها من الثوار أمثاله، ورفض مشاركة شباب الثورة، ثم جاءت ثالثة الأثافى بتعيينه مصطفى أبوالحمد الكتاتنى مستشارا له، يتولى مهمة تطهير المحليات، ورحب الكتاتنى وأعلن أنه سيقضى على فساد المحليات الذى لايزال مستمرا.
والمشكلة هنا أن الكتاتنى هو أحد فلول نظام مبارك بامتياز، فقد كان عضوا قياديا فى الحزب الوطنى، كما أنه لا يعرف شيئا أصلا عن المحليات، فهو أستاذ نساء وتوليد، وكان يعمل من قبل مستشارا لوزير الصحة! ودخل البرلمان عدة مرات، آخرها عام 2010، وبالتالى فمن حقنا الشك فى أن قرار تعيين الكتاتنى، قريب محمد الكتاتنى، رئيس البرلمان، هو محاولة من وزير المحليات الثائر للتقرب من رئيس البرلمان. وعلى الوزير أن يقنع الرأى العام بمزايا وخبرات الكتاتنى، طبيب النساء، فى علاج فساد المحليات، وعلى الكتاتنى، رئيس البرلمان، أن يوضح موقفه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة