محمد الدسوقى رشدى

اغتصاب القضاء المصرى

الإثنين، 05 مارس 2012 03:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سأسير مع حسن النوايا حتى آخر الطريق وأصدق أن ما حدث فى قضية التمويل الأجنبى فيما يخص سفر المتهمين الأمريكان يدخل فى إطار الصفقة التى حصلت مصر من ورائها على الكثير الذى لا أعرف لماذا يخجلون من الإعلان عنه حتى نغنى لهم أغنية «المصريين أهمه»؟!
وقبل أن أستكمل السير برفقة النوايا الحسنة تعال نقر أن المجلس العسكرى غفل وهو يدير قضية التمويل سياسيا ويغلفها فى ثوب الدفاع عن الوطن وكرامته عن عمود هام وخطير من أعمدة هذا الوطن أصابته تلك القضية بشرخ ربما لا يفلح معه الترميم.
فعلها القائمون على شؤون إدارة مصر مثلما يفعلها الجراح الخائب الذى يهرب منه مشرطه الحاد وهو يجرى عملية تجميل بسيطة ليقطع شريانا هاما متسببا فى عاهة مستديمة، بالضبط كما يقول المثل الشعبى العظيم «جه يكحلها عماها»، هكذا فعل المجلس العسكرى مع قضية التمويل الأجنبى، أراد أن يجمل وجهه ويحصل على صفقة ما، ولكنه بدلا من أن يفعل ذلك شوه وجه القضاء.
اختار المجلس العسكرى مثله فى ذلك مثل نظام مبارك أن يجعل من منصة العدالة كوبريا يعبر من فوقه إلى حيث يريد دون أن يضع فى حسبانه أن شرف القضاء مثل شرف البنات بالضبط، زى عود الكبريت.
فعلت قضية التمويل الأجنبى كل شىء، عرت ما كان يسعى الجميع لتخبئته، ولم تكشف فقط استغلال المجلس العسكرى أو الحكومة لمنصة العدالة، ولكنها كشفت أيضا أن القضاء المصرى يعيش فى هذا الوطن بلا حماية.
تلك حقيقة يا سيدى.. أصحاب أعلى الأصوات التى تنادى باستقلال القضاء وحمايته هم أنفسهم أصحاب الأيادى الطويلة التى تمتد لانتهاك القضاء، أليس غريبا أن يقف السادة نواب البرلمان الآن ليصرخوا ويتباكوا على ما فعله المجلس العسكرى والحكومة بالقضاء، وهم أنفسهم قبل أسابيع كانوا أول من اتهموا القضاء فى شرفه وأعلنوا تشككهم فى سير محاكمات مبارك وعدم اطمئنانهم للمحكمة والقضاء؟! أليس غريبا أن أغلب النشطاء السياسيين الذين يرفضون أحكام القضاء فى قضايا الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة ويتدخلون فى عمل المحاكم ويدعونها لإصدار أحكام معينة على رموز النظام السابق هم أنفسهم الذين يرفضون تدخل المجلس العسكرى فى سير قضية التمويل الأجنبى؟!
تلك حقيقة يا سيدى.. لا أحد يحمى القضاء فى مصر، حتى القضاة أنفسهم، سواء بعضهم الذى فضل الشو السياسى وأصبح يهتم بالفضائيات أكثر من اهتمامه بتحقيق العدالة، أو بعضهم الآخر الذى شوه صورة منصة العدالة بأزمات تعيين الأبناء والبحث عن امتيازات خاصة.
لا تنظر إلى قضية التمويل بشكل منفرد، ضعها فى إطارها الطبيعى لكى ترى الصورة الكاملة لقضاء ينهار وتتعدد الشروخ فى جسده، بضربات متتالية من أبنائه ومن المحامين والبرلمانيين والسياسيين، وابتعد أكثر لترى صورة أعم وأشمل لوطن أصبح صوت طرقعة وشروخ الأعمدة التى ترفع شأنه أعلى وأخطر من أن نجلس وننتظر الفرج الإلهى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة