حالة عامة من الإحباط والاحتقان طاردتنى طوال الأيام الماضية بسبب «تهريب» الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى، وكلما ذهبت إلى مكان حاصرنى السؤال: «همه ليه عملوا كده؟» وعندما أعيد السؤال بسؤال: «همه مين؟» تأتى الإجابة أسرع من سرعة الضوء: «همه فيه غيرهم؟.. المجلس العسكرى»، ولأننى طوال الأيام الماضية كنت أدافع بشراسة عن المجلس وموقفه الوطنى عندما تم القبض على هؤلاء المتهمين، وعندما عاد الوفد العسكرى من أمريكا رافضًا الإملاءات الأمريكية، هكذا بدا لنا جميعًا ومع نقص المعلومات وتضاربها عاش الإعلام مقروءًا ومرئيّا وأكل عيشًا على هذه الفكرة التى روت داخلنا شجرة الشعور الوطنى والإباء والشمم والزهو والغرور، وقل ما تشاء. كل هذه المعانى عشناها خلال الأيام الماضية، وكنا نفاخر بها أنفسنا ونردد: أيوه كده، هوه ده الكلام وإلا فلا، «مصر، عاد عصرك الذهبى» على رأى الست فيروز، وأخذتنا النشوة والسكرة ثم صحونا على خبر تهريب الأمريكان، وكأنك ياأبوزيد ما غزيت، هل كان المجلس العسكرى يلعب لعبة ما للوصول لهذه النقطة التى يعلمها من البداية؟ هل استخدمنا وتم «تثبيتنا» ثم «حلقوا» لنا بلغة الروشنة؟ هل هناك تحت الأكمة أو «أندر تيبل» أشياء إن تبد لكم تسؤكم؟ فى كل الأحوال المصريون أخذوا «بومبة» من المجلس والحكومة والقضاء، والأخير ليس بريئًا لأن هناك من تنحى وهو على علم بأصل الحدوتة ولم يتكلم، وهناك من أشار له بالتنحى وهو المستشار عبدالمعز، وهناك من وافق على الرضوخ من فوق، لذلك فكل الكلام المحترم من رموز القضاة الشامخين مثل المستشار زكريا عبدالعزيز أو المستشارة نهى الزينى هو الكلام المعبر عن جموع المصريين، وغير ذلك غثاء وكلام فارغ، إننى أتمنى من البرلمان الذى صدرت منه كلمات عنترية على طريقة «لن نترك أحدًا دون عقاب وسنطارد المخطئين» وغيره من كلمات الليل التى يخرج عليها النهار تسيح، أطالبه بأن تعقد لجنة الدفاع والأمن القومى اجتماعًا طارئًا مفتوحًا لجمع كل ما يتعلق بهذا الموضوع، والخيط يبدأ من واشنطن والإعلان بشفافية عما حدث لتبرد نار المصريين لأننا بصراحة شعرنا بأننا أخذنا «هدر» وانضحك علينا وبأننا تمامًا مثل عبدالفتاح القصرى فى فيلم «ابن حميدو» الذى ظل يقول «كلمتى مش هتنزل الأرض أبدًا» وعندما تكشر له الزوجة عن أنيابها يقول «هاتنزل المرة دى»، واحنا ليه؟ إحنا ذنبنا إيه؟ المجلس العسكرى هنا هو عبدالفتاح القصرى، وماما أمريكا هى الزوجة، وبينهما «نورماندى تو» وإسماعيل ياسين وهند رستم. ماهى الحكاية أفلام فى أفلام، المهم النهاية ما تبقاش أوبن إند.. عايزينها هابى إند.. عايزينها مصر الثورة مش مصر العم سام، وتبعية المخلوع وفساد الفلول، ولا إيه يا جماعة؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة