محمد الدسوقى رشدى

الكاذبون لا يضعون الدساتير

الأربعاء، 07 مارس 2012 07:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمر مصر الآن يشبه أتوبيسات النقل العام التى تتخيل أن طريقها مستقيم، وبالتالى توقيت مغادرتها المحطة ووصولها إلى المحطة الأخرى تمام ومضبوط بالثانية، لمجرد أن لها مسارا مروريا محددا من قبل، ومع ذلك لم يصادف أبدا، ولو على سبيل النكتة أو المعجزة، أن خرج أتوبيس نقل عام من محطته فى ميعاد معروف، ووصل إلى أخرى فى وقت معلوم، والعيب هنا لا يكمن فقط فى السائق الذى يسعى لـ«افتكاس» حلول مرورية جديدة لتفادى المطبات والزحام، أو لأنه يأخذ طريقا مخالفا لمساره المحدد مسبقا للحصول على كوب شاى أو «سنتدوتش» فول للاصطباحة.. الأزمة هنا تشارك فيها دولة بكل أجهزتها.

الحدوتة السابقة تنطبق بالضرورة، أو بالإيحاء على المرحلة الانتقالية التى يقودها المجلس العسكرى، ومواعيد تسليم السلطة التى حددها وغيّرها أكثر من مرة.. تلك هى أزمة المرحلة الانتقالية باختصار.. الارتباك، والعشوائية، وفقدان مهارة التعامل مع المستقبل، ثم التوقف أمام السؤال المهم: كيف أصدق المجلس العسكرى أو حكومة الجنزورى أو أى صاحب سلطة فى مصر ولم يصدق أحدهم فى وعد؟، هل يمكن أن تصدق أو تحترم هؤلاء الذين وعدوك بوضع مجرمى موقعة الجمل فى القفص، ومر عام وأكثر ولم نر جملا ولا قفصا ولا متهما؟،هل تصدق الذين وعدوك بالقصاص لدماء الشهداء فى 28 يناير، أو البحث عن الحقيقة فى أحداث مجلس الوزراء، ومحمد محمود، وماسبيرو، وبورسعيد، ومرت شهور وأيام ولم نر متهما، ولا قصاصا، ولا حقيقة واحدة، وكأننا كنا نعيش كوابيس ليلية أو نرى صورا «فوتوشوب»، علينا أن نرمى فى أفواهنا كوبا من الماء لكى ننساها ونرتاح.

لم يسعَ أحدهم للضحك على الجمهور، ولو حتى بتقديم متهم واحد، أو كشف غموض كارثة واحدة من تلك الكوارث التى راح ضحيتها عشرات من الشباب المصرى الطاهر، حتى المتهم الكبير حسنى مبارك، الموجود فى القفص، يحظى بحماية لم يحظ بها نبى فى وطنه، وبدلا من أن يحاكموه على قتل وطن بأكمله، يحاكمونه على سرقة 3 فيلات؟.. هل تملك إذن أى سبب يدفعك لاحترام المجلس العسكرى أو التصديق بأن ما يجرى من مهاترات برلمانية بغرض تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور شىء فى صالح مصر؟

هذه ليست دعوة للإحباط والخوف، بقدر ما هى دعوة للوقوف أمام الحقيقة، والتأمل فى تفاصيلها بعمق، وإن كان قطار المرحلة الانتقالية خرج من محطته الأولى، ووصل بشوائبه ومخلفاته وأعطاله إلى محطة الدستور، فعلى الأقل يجب أن تعود القوى السياسية إلى الشارع مرة أخرى بنفس حماس الخروج فى 25 يناير، حتى لا نفاجأ بدستور جديد مستنسخ من ترقيعات أحمد فتحى سرور لصالح تيار بعينه، على حساب مصلحة وطن بأكمله، وصدقنى.. هذه الدعوة ليست نوعا من الترف واللعب فى الوقت الضائع، لكنها محاولة لتصحيح مسارات ما، وكشف غموض الأيام التى نعيشها، والحيرة التى تسيطر على الجميع، بدليل أن جميع الجلسات الحوارية تليفزيونية كانت، أو فى مكاتب مسؤولين، أو حتى على القهاوى حول الدستور والرئيس القادم والجمعية التأسيسية، تنتهى إلى لا شىء، ولا يقول ملخصها إلا شيئا واحدا فقط: «والله.. ماحدش فاهم حاجة».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة