يبدو أن التراث المصرى فى الحكم يتعامل مع كل الأمور بمنطق إلا خمسة، فأنت تراها الواحدة تماماً ولكنك تجد مسؤولا ما يقول لك، انتبه فإنها ليست كذلك بل هى إلا خمسة؟!
ترى ذلك واضحا فى انتخابات مجلس الشعب، فأنت تريدها نزيهة كاملة مثل الواحد الصحيح، ولكن تجد نظام الحكم يقول لك من خلف الستار إنها نزيهة نعم! ولكن إلا خمسة؟
حيث عين المجلس العسكرى لجنة لإدارة الانتخابات وتسيير العملية وتلقى الطعون والشكاوى والتظلمات، فتقوم اللجنة بكامل دورها دونما النظر لأى طعون أو شكاوى أو تظلمات وتهمل بذلك آلاف الانتهاكات والخروج على النص وقانون الحملات والدعاية الانتخابية، فتأتى الانتخابات حقيقية وشفافة ومرضية إلا خمسة!! وتظل الشرعية الكاملة رهينة جزء مهمل عن عمد حتى تكون خيوط الشرعية دائماً فى يد الحكم والكلمة الأخيرة فى أروقة العسكرى، فالمجلس شرعى إن تواءم مع الحكم وشرعى إلا خمسة إن تعارض!!
ترى المجلس العسكرى يخط إعلانا دستوريا من ٦٣ مادة من إرادته وتخطيطه ومن باطن شرعيته إلا تسعة! يستفتى عليها الشعب؟
وتظل تدور أنت والمجتمع السياسى فى فلك سؤال حتمى، هل الشرعية كاملة لهذا الإعلان أم أنها لا شرعية إلا تسعة!
تشاهد يوميا مجلس شعب منتخبا لأول مرة فى تاريخ مصر وتدير أعماله لائحة داخلية تمثل مجلسا إلا خمسة! فهى لائحة تكرس رئيسا ديكتاتورا للمجلس، تنتقص من حق جميع الأعضاء إلا خمسة، مجلس لا يتحدث فيه إلا ممثلو الهيئات البرلمانية، ويبقى الباقى نواب إلا خمسة!
فيأتى بذلك المجلس به 508 نواب، لكن الحقوق الكاملة والدائمة لعدد 18 نائبا يمثلون الهيئات البرلمانية، فيكون هناك نواب كاملو الأهلية مطلقو الصلاحيات ونواب فى مقاعد المتفرجين ولا عزاء هنا لمعيار الأسبقية أو الكفاءة من حيث التناول والطرح، ولا ترى إلا لائحة عقيمة فى وجهك تشكل فيها الديكتاتورية والاحتكار عوارا شديدا.
ترى فى مصر قضاء راسخا شامخا نفاخر به الأمم، ولكن ترى متهمين سياسيين لا يمثلون أمام قاضيهم الطبيعى! ترى فى مصر محاكمات عسكرية لمدنيين فى زمن تجاوز القضاء الاستثنائى! ترى فى مصر تمحيصا وعدالة حقيقية لكنها لا تنفذ إلا فى حق المستضعفين، ترى فى مصر متهمين أمريكيين يتم تسريبهم فى عشية وضحاها، فى انتهاك لصحيح قانون الإجراءات الجنائية، ومتهمين مصريين يمنعون من السفر لأتفه الأسباب، ترى كرامة مصر على المحك، وترى طائرة أمريكية تدهس هذه الكرامة على أرض مطار القاهرة الدولى، وتحمل متهمين سياسيين أمريكيين جهارا نهارا، فهذه هى كرامتنا فوق الأعناق دائما لكنها إلا خمسة!
هذه هى مصر افعل فيها ما تريد واصنع ثوراتك، كما شئت ولكن اعلم أن كرامتك إلا خمسة! وانتخاباتك إلا خمسة! ومجلسك إلا خمسة! ودستورك إلا خمسة!
السؤال هنا: هل سيسمح هذا الجيل «لمصر إلا خمسة» أن تتحكم فيه؟ أم أنه سيصنع مصر الصحيحة العفية؟ هل سنمسك بالوقت الذى يجرى من حولنا أم سنأتى نحن أيضا بعد انتهاء الوقت بخمسة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة