فجأة انتشرت أخبار تفشى الحمى القلاعية بصورة كبيرة، وصارت عناوين الأخبار كلها تنبئ بكارثة أكيدة، وفجأة أيضا نضب البنزين من محطات الوقود، ثم توالت أخبار خطف البنات بالجملة، والعثور على دانات المدافع والأربجيهات فى المزارع، عزيزى المواطن ألم يساورك الشك فى كل هذا؟
فى اعتقادى الخاص أن كل هذه الكوارث المستعجلة، ما هى إلا تمهيد لإلهاء الشعب عن الكارثة الأصلية والمتمثلة فى تهريب الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى، لينشغل الناس عن متابعة العار الوطنى بقيادة المجلس العسكرى، وفى ظنى فإن هذه الطريقة البالية تمثل عودة لسياسة «الاستلطاخ» التى كان يتبعها مبارك، ليطلع علينا بمنتهى البساطة سيادة المستشار مجدى عبدالبارى صاحب حكم تهريب الأمريكان ليلوك كلاما يشبه الكلام القانونى والدستورى، والقانون والدستور منهما أبرياء، مبررا حكمه المريب ومدافعا عن نفسه بكل ثقة، وقالوا للمستشار برر قال جالك الفرج.
المستشار عبدالبارى يقول فى تبريراته إن قضاة التحقيق لم يمنعوا المتهمين المصريين من السفر ولذلك انعدمت المساواة فى المعاملة، ومن أجل هذا رفع الحظر عن الأجانب. وعلى افتراض أن قضاة التحقيق لم ينتبهوا إلى هذه الفكرة، فهل من الواجب أن نمنع بقية المتهمين المصريين من السفر أم أن نسهل سفر الأجانب؟ ثم لنا أن نسأل هل فرص المصريين فى السفر مثل فرص غيرهم؟ ولماذا لم يضع سيادة المستشار فى حسبانه فرضية أن قضاة التحقيق كانوا ينوون اتهام أجانب آخرين ثم فوجئوا بسفرهم ولذلك منعوا سفر البقية؟
يمضى سيادة المستشار فى تبريراته قائلا إن حظر سفر المتهمين غير دستورى، لأن نص المادة 41 من الدستور كفل للمواطن حرية التنقل، ناسيا أن هذه «الحرية» التى يرعاها الدستور مقيدة وليست مفتوحة، وأن الدستور أعطى القضاء الحق فى تقييد حريات المواطنين المخالفين للقانون حتى يحصلوا على البراءة أو يقضوا فترة عقوبتهم، وإذا كان من حق النيابة أو قضاة التحقيق حبس مواطن فكيف لا يكون من حقهم أن يمنعوا سفره، أليس من يملك الأكثر يملك الأقل؟ ثم ألم يستخدم النائب العام وقضاة التحقيق فى قضايا فساد النظام السابق هذا الحق ومنعوا كل الفاسدين وأسرهم والعديد من رجال الأعمال من السفر أشهرا عديدة؟ فهل معنى هذا أنه إذا لجأ محام إلى محكمة سيادة المستشار عبدالبارى سيبرئ موكليه لمجرد أن سيادته لا يعترف بحق النيابة أو قضاة التحقيق فى حظر سفر المتهمين؟
والآن بعد أن أتعبتك فى جدال قانونى عبثى أراد المجلس العسكرى أن يتوهنا فيه لكى نترك فضيحته فى تهريب الأجانب، أود أن أقول لك إن استشهاد سيادة المستشار بالدستور باطل جملة وتفصيلا؟ ولذلك لأنه من المفترض أن الدستور يرعى حقوق المواطنين وليس الأجانب، وإذا كان الدستور أساسا لا يحمى المصريين بدليل سريان حالة الطوارئ إلى الآن، رغم عدم دستوريتها، فكيف يستخرجه سيادة المستشار ليحمى به الأجانب، ثم نأتى إلى السؤال الأصعب؟ ألم يسقط هذا الدستور من الأساس بعد الثورة أم أننا نعيش حقا فى وطن فوتوشوب؟ من فضلك انظر لعنوان المقال بهدوء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة