تلقيت اتصالات هاتفية ورسائل عبر البريد الإلكترونى من عدد كبير من العاملين وبعض المستثمرين ورجال الأعمال المصريين المقيمين فى دولة الإمارات العربية الشقيقة، تشكو من إجراءات جديدة بدأت السلطات الإماراتية فى اتخاذها تجاه الجالية المصرية المقيمة، وخاصة بعد ثورة يناير، تتمثل فى عدم تجديد الإقامات المنتهية للعاملين هناك وأسرهم.
قد لا أتفق فى تفسير ما يجرى على أنه كما لو كان عقابا على الثورة وخلع نظام الرئيس السابق، الذى يعتبره بعض الأشقاء فى الإمارات «نوعا من الجحود من الشعب المصرى تجاه رئيسهم». ولكن تكرار الشكوى يثير بعض الشكوك والتساؤلات وأيضا بعض العتاب بين الأشقاء.
كل ما نرجوه أن تكون تلك الشكاوى حالات فردية لها ظروفها الخاصة، ولا تعبر عن سياسة جديدة تجاه العمالة المصرية فى الإمارات، خاصة أن الجميع يدرك عمقا وقوة العلاقات التى تربط بين البلدين منذ أيام حكم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مؤسس دولة الإمارات، وما يحمله الشعب المصرى تحديدا من حب ومودة عميقة تجاه الأشقاء فى الإمارات.
فالإمارات فى عهد الشيخ زايد لها أياد بيضاء ناصعة ومواقفها التاريخية الشجاعة تجاه مصر الشعب، والتى لم ترتبط أبدا بسياسة من يحكم أو بشخص الرئيس، ولا ينسى المصريون وقفة زايد الخير فى حرب أكتوبر المجيدة عام 73 وقولته الشهيرة «إن البترول العربى ليس بأغلى من الدم العربى»، وكان أول من طبق قرار قطع إمدادات البترول عن الدول المؤيدة لإسرائيل، وحتى بعد قرار مقاطعة مصر بعد كامب ديفيد، عاش المصريون هناك رغم المقاطعة وكأنهم فى وطنهم الثانى ولم يعاقبوا على موقف قيادتهم، وسعى المرحوم زايد إلى عودة مصر مرة أخرى إلى حضنها العربى، وخاطب الزعماء فى قمة الأردن عام 80 «إذا لم تسع إلينا مصر فسوف نسعى إليها». ولم تكن مواقف زايد فقط فى السياسة، بل فى الوقوف إلى جانب المصريين فى التنمية والبناء، سواء بعد حرب أكتوبر أو بعدها، اعترافا بجميل مصر والمصريين تجاه دولة الإمارات قبل وبعد التأسيس.
نذكر هنا بالتاريخ القريب الذى لا يجب أن ينساه أو ينكره أحد فى الشعبين الشقيقين، لأن العلاقات بين الشعوب هى الأبقى والأعمق، فالسياسات متغيرة ومتبدلة. فما بالنا بالعلاقات بين مصر والإمارات.