أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

النائب العام العسكرى

الجمعة، 09 مارس 2012 10:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قديما كان هناك اعتقاد سائد بأن النائب العام هو محامى الشعب الأول، وكان بكلامه النادر وصورته الصارمة يمثل بالنسبة للكثيرين «القشة» التى يتعلق بها الغرقى فى وسط بحر الفساد الهادر، لكن حينما تبدلت الأيام وأبدت ما كان خافيا، تحوّل النائب العام، الذى كان فى ظن البعض القشة التى يتعلق بها الشعب، ليصبح القشة التى تعلق بها نظام مبارك، تصديقا لقول شاعر العرب الأكبر طرفة بن العبد حينما أنشد: «ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً.. ويأتيك بالأخبار من لم تزود».
بعد يناير انهالت البلاغات على النائب العام للتحقيق فى قضايا فساد رجال الأعمال والوزراء السابقين، وسارت بعض التحقيقات على نحو مخالف لما كان متبعا فيما قبل، وتم تحويل العديد من القضايا إلى المحكمة، بدلا من حفظها أو تسقيعها فى النيابة، وإذا بالمحكمة تقضى بسجن أحمد عز وإبراهيم سليمان ويوسف والى، وآخرين، وهى ذات القضايا التى حفظها النائب العام سابقا، فترى ما الفرق؟
اختلاف تحقيقات النيابة بعد يناير عنها فيما قبله، جعل الشك يتسرب إلى القلوب فى طبيعة عمل هذا الجهاز ورئيسه بالطبع، فى إشارة واضحة إلى أن هناك سلطة أعلى من سلطات النيابة كانت تمارس ضغوطا كبيرة على التحقيقات عن طريق إخفاء الحقائق أو طمسها أو تجاهلها، ما يعنى أن النائب العام لم يكن كما كنا نظنه «نائب عام الشعب»، وإنما كان «نائب عام مبارك»، وإذا بالأيام تدور ليصبح المجلس العسكرى مكان مبارك، فيتحول النائب العام إلى «نائب عام عسكرى»، وليست أدل على هذا من إحالة النائب العام للعديد من النشطاء والإعلاميين إلى القضاء العسكرى بتهم فضفاضة مصنوعة من أجل تشويههم وإثارة الغبار حولهم.
قرار إحالة هؤلاء الإعلاميين والنشطاء المذيل بتوقيع سيادة النائب العام كان صادما حقا، ولعله كان ورقة التوت الأخيرة التى سقطت عن القضاء المصرى بعد تهريب المتهمين الأجانب فى قضية التمويل الخارجى، ولا تظننى هنا أدافع عن النشطاء أو الإعلاميين وعن التهم المنسوبة إليهم، رغم أنى أراها تهما خاوية فارغة ممجوجة، لكنى أدافع عن حقهم وحقى وحقك فى المثول أمام قاضيهم الطبيعى، لكن المصيبة هى أنه فى الوقت الذى كنا نأمل فيه أن يدافع النائب العام عن حقوق الشعب فى المثول أمام القاضى الطبيعى، يطيح النائب العام بهذا الأمل ويسلم المدنيين للمحكمة العسكرية الظالمة الباطشة التى لا تعرف عن العدل شيئا.
قلنا: نريد تطهير القضاء، فقالوا: اخرسوا قضاء إيه اللى عايزينه يتطهر.. قضاؤنا طاهر وشريف وعفيف وشامخ..
وإذا بعورات هذا القضاء تتكشف مرة بعد مرة، وقلنا نريد إقالة النائب العام وتطهير النيابة، فقالوا: أتريدون أن تقيلوا محامى الشعب؟ فإذا بمحامى الشعب يسلم الشعب ويأمر بانتهاك العدالة بتوقيعه، وليس أكثر سخرية واستباحة من أن نرى نتيجة عدم تطهير النيابة أن مستشار أحمد شفيق القانونى هو ذاته من يحقق فى قضايا الفساد المتهم فيها مبارك، ونرى الاتهامات «المدنية» الموجهة إلى النائب العام ضد شفيق تحال للمحكمة العسكرية لحمايته، والاتهامات «المدنية» الموجهة للإعلاميين والمثقفين تحال للمحكمة العسكرية للعصف بهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال

هذا هو الثالث

يارب تفهم وتحل المشكله

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة