سأقولها وأنا مغمض العينين، مغلق الأنف، كارها ومضطرا، ومنتظرا اتهامك لى بالفلولية وكونى واحدا من أبناء مبارك «أستغفر الله العظيم»، ولكن لا مفر..
هل كان الرئيس المخلوع مبارك الذى جمد وطنا عاش تاريخه وماضيه حيويا متغيرا نافذ البصيرة وقادرا على رؤية المستقبل بهذا الشكل؟
أنا لا أتكلم عن الفوضى التى حذر منها مبارك فى خطاباته التى حاول أن يستنجد بها من مصيره الذى رسمته ثورة 25 يناير، أنا أتكلم عن جملة عابرة وردت فى خطابه تحت قبة البرلمان أثناء افتتاح أولى جلسات برلمان 2010، هل تذكر تلك اللحظة التى حاول أن يثبت فيها أن ذهنه حاضرا وقادرا على أن يلقى النكت، فرد على إعلان بعض الشخصيات العامة إنشاء البرلمان الموازى، اعتراضا على ماحدث من تزوير وتلفيق فى انتخابات 2010 قائلا: «خليهم يتسلوا!!».
الواضح الآن أن مبارك كان صاحب بصيرة، أكثر نفاذا من الذين اعتقدوا أنه كان يقصد البرلمان الموازى، مبارك الذى تدعمه الشيخة الشريفة ماجدة كان «مكشوف عنه الحجاب» فى تلك اللحظة، لدرجة أنه أدرك الوضع الذى سيكون عليه برلمان مصرى منتخب بعد الثورة.. وضع التسلية.
الواضح الآن بعد الأداء الباهت والهزلى لأغلب نواب مجلسى الشعب والشورى أن مبارك كان يقصد بتعبير «خليهم يتسلوا» هؤلاء النواب الذين حمّلهم الشعب أمانة نقل مصر من مرحلة فساد مبارك إلى عصر الديمقراطية فخذلونا بمعاركهم التافهة بداية من أزمة القسم ومرورا بمعركة الخرطوش وعروض محمد أبوحامد ومصطفى بكرى وزياد العليمى الهزلية، والبلكيمى وعملياته التى فشلت فى تجميل أنفه وأكاذيبه، والدكرورى الذى اكتشف أن تعليم الإنجليزية مخطط استعمارى، وانتهاء بمعارك الجمعية التأسيسية للدستور وطلبات الإحاطة التى ينقلها النواب من الصحف والمواقع دون تحرى الدقة وغيرها من عروض البرلمان الذى تحول إلى سيرك ثقيل الظل.
أنت طبعا شاهدت أغلب فقرات هذا السيرك الفاشل، ولكنك لم تعرف أن نائبا محترما اسمه عمرو زكى قدم طلب إحاطة حول تدمير شركات الألبان بمنح بعض المستثمرين أفضليات وشركات بسبب صلة القرابة التى تربطهم برموز النظام السابق، وضرب مثلا على ذلك بمنح حقوق تلك المصانع إلى صفوان ثابت لأنه شقيق سوزان مبارك وإلى محمد حلاوة لأنه صهر زكريا عزمى، وطبعا لا صفوان ثابت تربطه أى صلة بسوزان ولا حلاوة صاحب المصانع التى وردت فى طلب إحاطته أو صهر عزمى، وأرجوك لا تقل بأنها أخطاء بشرية واردة لأن تلك الأخطاء تؤكد على أن سيادة النائب المحترم لم يتحر الدقة ولا يتمتع بالأمانة الكافية، وفى نفس الوقت حينما تضع عدم أمانة عمرو زكى وكسله عن تحرى الدقة بجوار أكاذيب حسن البرنس عن تعرضه للاغتيال الذى اتضح فيما بعد أنه حادث مرورى، بجوار أكذوبة البلكيمى، بجوار اتهامات بكرى للبرادعى بدون أدلة حقيقية.. حينما تضع كل هذه الأشياء بجوار بعضها ستفهم وقتها أن مبارك كان يقصد بـ«خليهم يتسلوا» هؤلاء النواب وهذا البرلمان الذى لا أعرف كيف سنأتمنه على وضع الدستور أو على سنوات هذا الوطن المقبلة.
بالمناسبة أنا لست مقتنعا بفكرة أن مبارك ذو بصيرة نافذة لأن رجلا مثله من المؤكد أن سواد ذنوبه فى حق هذا الوطن أعمى قلبه، والواضح أنه لم يقرأ المستقبل ولا يعرف ما به ولكنه ارتكب من الجرائم فى حق مصر ما يجلعه على يقين من أن النتائج ستكون بهذا الشكل.. شكل التسلية والفوضى والعبث.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة