تحدث الجنرال عمر سليمان عن ثورة يناير فأسهب وأطال واعتبر نفسه واحدا من هذه الثورة وجنديا مقاتلا فى خدمة تحقيق أهدافها فى الحرية والعدالة والكرامة، ومن أجل ذلك و«بناء على رغبة الجماهير» أعلن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية.
نفس الجنرال سليمان فى حديثه الشهير مع مذيعة شبكة ايه بى سى الأمريكية كريستيان أمانبور قبل أيام من سقوط مبارك، كان ينظر إلى ثورة الشعب على أنها صناعة أيادٍ خارجية ومدفوعة من التيارات الإسلامية من خارج وداخل مصر ولم يبدِ قناعة بأن الثورة هى صناعة مصرية خالصة انفجرت فى وجه النظام الفاسد والمستبد الذى كان هو أحد أركانه.
الجنرال الذى يتحدث الآن عن الثورة ويبدى انحيازه لمطالبها المشروعة هو نفسه الذى قال قولته الشهيرة للملايين التى خرجت إلى الشارع «عودوا إلى بيوتكم فلاجديد نقدمه إليكم»، ورأى أن هذه الملايين جاهلة بالديمقراطية وتحتاج إلى تثقيف وتوعية.
هو الجنرال نفسه الذى أعلن أنه لن يترشح لأنه «رجل عجوز» - 76 عاماً - لأنه خدم الوطن على طريقته وبأسلوب رئيسه المخلوع أكثر من عشرين عاماً، وكان الذراع اليمنى له وأحد مهندسى القمع والوحشية للنظام السابق - كما ذكرت صحيفة كريستيان مونيتور الأمريكية - والتى اعتبرته مهندس عمليات التعذيب الوحشى بالسجون السرية فى مصر.
فمن نصدق؟ الجنرال وهو يتحدث إلى الزميل مصطفى بكرى أم الجنرال وهو يتحدث إلى الإعلامية الأمريكية كريستيان أمانبور؟
قناع الجنرال الجديد لن يخدع المصريين فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء ولن يعيد هذا الشعب إنتاج نظام فاسد ثار عليه وقدم الآلاف من الشهداء والجرحى لإسقاطه والتخلص من رموزه. فالشعب الذى عزل تلقائيا بدون قانون رموز الحزب الوطنى المنحل فى الانتخابات التشريعية الأخيرة، هو نفسه الشعب القادر على إسقاط وعزل كل من عمل مع النظام السابق، وكان داعما ومنتميا له وأخلص من أجل استمراره والبقاء عليه حتى آخر لحظة.
نعم كما قال الجنرال عمر سليمان «فإن الثورة رسخت واقعا جديدا لا يمكن تجاوزه» وعليه أن يعى ويدرك ذلك جيدا، فالثورة لم تزل مبارك لتأتى بمبارك جديد يعيد عجلة الزمن للوراء بوجه آخر للاستبداد.