اتساقاً مع حملة المهندس خيرت الشاطر التى تخلع عليه الأسماء والألقاب والصفات وترفعه إلى مرتبة الأنبياء يجوز لنا أن نغنى مهللين «طلع الخيرت علينا» فبعد طول غياب وترقب، أجرى الشاطر أمس الأول حوارا له بعد ترشحه للرئاسة مع الزميل خالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع»، وكان المانشيت الرئيسى للحوار هو «لن ألعب دور شهرزاد فى السياسة» مؤكدا أنه لا يحب الكلام الكثير ويهتم فقط بالعمل الذى قال عنه إنه من أجل الله والوطن، وفور أن قرأت هذه التصريحات تذكرت تالف الذكر سيادة الرئيس محمد حسنى مبارك وكأنه يقول دعونا نعمل فى صمت، إذ كان سيادته يمارس هذه السياسة بحذافيرها، وكان منهجه هو: على المعارضة أن تقول ما تقول وعلينا أن نفعل ما نفعل، ثم تطورت هذه النظرية فى آخر أيامه وأصبحت «خليهم يتسلوا» ما يدل حقا على أن «الوطنى» و«الإخوان» إخوان.
فى حوار الشاطر الطويل المتشعب ظهرت أوجه التشابه الكبير بين مواقف الإخوان والوطنى المنحل عدة مرات، فيقول الشاطر إن مؤسسات الدولة فى عهد مبارك كانت «مسيسة» تعمل لصالح الحزب الذى يختار الموالين له فى المقاعد القيادية، لكنه فى ذات الوقت يلف ويدور حينما واجهه الزميل خالد صلاح بأن الإخوان ينتهجون نفس النهج، قائلاً إن الناس تحاسبنا على النوايا وهذا غير صحيح، فنحن لا نمتلك إلا جزءا من البرلمان، وفى هذا مغالطة كبيرة، فالإخوان يستحوذون على أغلبية البرلمان، كما أن سياستهم الإقصائية ظهرت بوضوح عبر امتلاكهم هذه السلطة، وأقرب دليل على هذا هو تشكيلهم للجمعية التأسيسية للدستور، واستبعاد شخصيات وتيارات وطنية كبيرة ذات دور عظيم لمجرد أنهم يختلفون مع الجماعة، كما أنه يدين استخدام مبارك للفتن الطائفية واعتماده على بعض رجال الأعمال دون غيرهم، وكأننا نسينا أن الجماعة كانت تؤجج الصراع الطائفى فى الانتخابات وتتهم كل من يخالفها بأنه يعمل لصالح «الكنيسة» كما أنها عرضت التصالح مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد وأن اللجنة التشريعية فى مجلس الشعب تتجاهل تعديل قانون التصالح الجائر حتى يحصل رجال الأعمال الذين جمعهم صديقه فى السجن والجماعة «حسن مالك» على البراءة، فكيف نصدق أن هناك فرقا بين الوطنى والجماعة والاثنان يفعلان نفس الشىء؟
يهدد الشاطر بالنزول إلى الشارع فى حالة استبعاده واستمرار منافسة أحمد شفيق وعمر سليمان على مقاعد الرئاسة، وبرغم اتفاقى التام مع هذا الطرح، وتضامنى مع «حالة» الشاطر فى هذه الجزئية ومناصرة حقه فى المنافسة على مقعد الرئاسة لأننا نعرف أنه أدين فى محكمة عسكرية ظالمة، فإنى أتعجب من تهديد الشاطر بالنزول إلى الشارع الآن وهو الذى وصف من كانوا يدافعون عن أهالى الشهداء فى الميدان أيام «محمد محمود» بأنهم مخربون مأجورون، صامتا هو وجماعته حتى الآن عن وجود آلاف الأبرياء فى السجون بعد إدانتهم فى المحاكم العسكرية.
تبقى ملاحظة لا يجب أن نفوتها، وهى أن الشاطر ظهر فى الحوار حليق الشارب مطلق اللحية متبعا عادة السلفيين على خلاف عادته، طامعا فى جذب هذه الشريحة الكبيرة المؤثرة، خاصة بعد ابتعاد مرشحها «أبوإسماعيل» عن الصورة، تماما كما فعل أحد مرشحى حزب المصريين الأحرار فى البرلمان حينما صور نفسه فى ملصقات دعايته صورتين إحداهما بلحية والأخرى بدون، وتلك ملاحظة كفيلة بأن توضح للناس كيف يستغل الشاطر «الشكل» للضحك على الناس واستغفالهم، والأمر لا يستحق عنده إلا إجراء بعض الديكور لزوم استكمال النصب السياسى، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة