يفاجئنى نظامنا البائد الذى لم يسقط حتى الآن.. بمدى غبائه السياسى كل يوم، وأصفه بالبائد، لأنه فى طريقه إلى الزوال والسقوط حتما، فمن الممكن أن يستمر العبث قليلا لكنه لا يجرؤ على أن يبقى خالدا، وفى الحقيقة فإن أكثر ما يميز هذا النظام، هو العبث والغباء فى آن واحد، وقديما قالوا: خصم عاقل خير من صديق أحمق، لكنهم لم يقولوا لنا: ما العمل مع خصم أحمق وفاسد وغبى فى ذات الوقت؟
المشهد الآن غاية فى العبثية والسخرية، ولم يكن ينقصه إلا أن يترشح عمر سليمان للرئاسة، لنتأكد من أن أعتى كتاب مسرح العبث، ما كان ليكتب أفضل مما نحن فيه، وفى اعتقادى الشخصى أنه لو كان صامويل بيكيت، أو يوجين يونسكو، أو جان جينيه، أو هارولد بنتر موجودين معنا لاندهشوا من كمية العبث التى نشاهدها كل يوم، ونتعامل معها باعتبارها «عادى جدا»، فمع تأكيد الجميع على أن هناك ثورة حدثت فى مصر أوائل العام الماضى، يترشح نائب الرئيس المخلوع لمنصب الرئيس وسط ما يسمى بـ«أنصاره» من أصحاب الخوذات الحمراء الظاهرة والخافية، وفى الوقت الذى نجتهد فيه لنتمم استقلالنا الوطنى، يحاول البعض أن يحصر فيه اختياراتنا ما بين عمر سليمان حليف إسرائيل التاريخى، وخيرت الشاطر رجل قطر حليفة إسرائيل المستحدثة، ولا أعرف كيف يتخيل البعض أننا سنضطر إلى أن نشرب ماء عكرا، والماء الزلال أمامنا وبأيدينا.
فى الحقيقة فأنا أرى أن عمر سليمان لم يغب عنا لحظة واحدة، وأنه كان يدير البلاد من وراء ستار المجلس العسكرى، بدليل أن مجلسنا المهاب، سار على الخطة التى وضع لبنتها وبدأ فى تنفيذها قبيل موقعة الجمل وبعدها، واستمر المجلس فيما بدأه سليمان من تشويه للثورة والثوار، وتشتيت القوى المدنية، واستقطاب القوى الإسلامية، وتخويف الناس من الانهيار الاقتصادى، وقتل روح الثورة بتجلياتها المختلفة، والتنكيل بالثورة وشبابها واعتقالهم ومحاكمتهم عسكريا.
اكتمل العبث، وعزاؤنا إنه كلما ضاقت الدنيا واستحكمت حلقاتها، فرجت بعد أن كنا نحسبها لا تفرج، ومن لا يصدقنى فعليه أن ينظر إلى حملة عمر سليمان الانتخابية التى يتزعمها صاحب أغنية «أحسن عربى حسنى مبارك» صاحب مقولة «مبارك أبونا هو اللى ربانا وحمانا»، وهو ذاته صبى المجلس العسكرى، وزعيم ميليشيات بلطجيته الذين هاجموا الثوار فى العباسية، ولا أعرف كيف يردد البعض كالببغاوات فكرة أن مصر تحتاج إلى رئيس عسكرى لاستعادة الأمن والأمان، ونحن نمكث تحت حكم المجلس العسكرى أربعة عشر شهرا، لا رأينا فيها أمنا ولا شعرنا بأمان، لكن على أية حال.. لعل الله يريد بنا الخير بتمثيلية عمر سليمان الأخيرة، فقد كان سيادة اللواء هو مايسترو نظام مبارك، وطباخه الأمين، وحارس فساده داخليا وخارجيا، ولعل اقترابه مرة أخرى من دائرة الضوء، يأتى بالنفع على الثورة ومسارها، ويصبح الموقف فرصة لتوحيد الصفوف، وتكثيف الجهود، والتيقن من أن الإيمان بالثورة وأهدافها وروحها هو الحل.
فلنعتبرها فرصة سعيدة، لاستكمال الثورة ومحاكمة عمر سليمان على جرائم مبارك، التى كان شريكا أساسيا فيها، وخذ عندك مثلا قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل التى يحاكم فيها وزير البترول السابق، والرئيس السابق، ولا يحاكم فيها عرابها ومنسقها ومتممها والقائم الأول عليها «عمر سليمان»، وربما تكون خطوة ترشحه للرئاسة هى الخطوة الأولى للطريق إلى اللومان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة