أكرم القصاص

طالب سلطة.. وتاجر ثورة

الثلاثاء، 17 أبريل 2012 07:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائما تحتاج الثورة لمن يعمل لها وليس من يتحدث باسمها. لكننا أصبحنا بالفعل أمام سيرك من الكلام وقليل من الأفعال. لا أحد يريد أن يعترف أن ما يجرى لعبة سياسة ومنافسة وصراع على السلطة من أجل الحكم. لكن الثورة أصبحت هى الحجة التى يرتكب من أجلها السياسيون فعل السياسة فى الطريق العام، ويناورون ويكذبون ويتخفون بكل أطماعهم خلف الكلمة السحرية التى ابتذلت مثلما ابتذلت الكثير من المعانى. نسمع كثيراً عن حماية الثورة، من أقوام لا هم لهم إلا الاتجار بها فى الداخل والخارج.

تحولت مصر إلى مسرح وحفلات الكلام الليلية أقرب إلى عروض تعرٍ سياسى، يبحث كل من فيها عن النجومية والجمهور والتصفيق، بينما المواطنون يعيشون فى أحضان الفوضى والانفلات، ونقص السلع وارتفاع الأسعار، والسوق السوداء. وتردى أحوال المستشفيات والعلاج فضلاً عن القمامة، وتراجع مستويات المعيشة لفئات متسعة.

كل هذا لا يشغل أحدا من طلاب السلطة وشاغلى مقاعد البرلمان ممن تفرغوا لمطاردة الفراغ والحديث عن مؤامرات وهمية. لا فرق فى هذا بين نواب أغلبية وأقلية، ولا بين إخوان وسلفيين وليبراليين ويساريين. ممن يمارسون التنطيط صباح مساء أمام الكاميرات، ولم يشغل أحدهم نفسه بتقديم مشروع قانون لمواجهة الفقر أو تقديم إعانات بطالة للعاطلين أو مضاعفة الضمان الاجتماعى لملايين تحت خط الفقر. هم ضحايا نظام مبارك، ومازالوا ضحايا هواة القفز على المسرح السياسى. ممن يتحدثون عن الثورة ولا يعملون لها، يتحدثون عن الشعب وينسون ملايين الناس ممن أصابتهم الحيرة وعادوا إلى ضرب الودع وانتظار مالا يجىء.

الإخوان والسلفيون واليسار أيضاً والليبراليون يتحدثون عن الثورة وأهدافها وحتى الفلول عادوا ليتحدثوا عن تحقيق أهداف الثورة، وكلهم يقصدون تحقيق أهدافهم بالوصول للسلطة.

طلب السلطة مشروع بشرط ألا يلصقوه بالثورة، التى لم يكن من أهدافها أن يجلس هؤلاء على كراسى البرلمان أو يتنططوا أمام الكاميرات، بل أن يحققوا الحرية والعدالة الاجتماعية وينقذوا الفقراء من الفقر والمرض، ويوفروا لهم العيش بكرامة، ولأبنائهم التعليم والعلاج. وأن ينتهى عار العشوائيات، ويتوقف قتل الناس فى طوابير الخبز والبوتاجاز والسولار.

ما نراه هو شهوة الكلام لدى قطاعات واسعة من النواب، لا فرق بين أغلبية وأقلية، يزعمون أنهم يطاردون الفلول بينما عقل الفلول يسكن قلوبهم.

على السادة السياسيين أن يكفوا عن الحديث عن الثورة، ويعلنوا بوضوح أن وجهتهم السلطة، والثروة. ويدركوا أن هذا الصراع أصاب الناس بالقنوط والحزن ونفاد الصبر.

ما أبعد أهداف الثورة عما يجرى، وعلى السادة المتحدثين باسم الثورة أن يتوقفوا عن مزايداتهم ويعلنوا بوضوح أنهم يريدون سلطة سياسية أو نجومية أو مالا، لا تشغل المواطن مثلما تشغلهم. ليكفوا عن الحديث باسم الثورة، ويتركوا المواطن ينشغل بيومه وغده ورزق عياله، بعيداً عن السيرك المنصوب، يتفرجون عليه ويلعنون كل من فيه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة