واضح أن قضية الدستور واللجنة التأسيسية سوف تأخذ المزيد من الوقت والجدل، فالحكم الذى صدر ببطلان الجمعية التأسيسية يفترض أن يتم تنفيذه بإرادة سياسية.
لكن ما جرى أن الأغلبية البرلمانية ممثلة فى الحرية والعدالة بعد أن أعلنت عن اتجاهها للحل عادت لتدخل فى جدل ونقلته إلى اللجنة التشريعية بمجلس الشعب التى أعلنت عن تخصيص جلسات لبحث المعايير ومناقشة ما سبق مناقشته. وبالتالى نحن فى انتظار مزيد من بحث المبحوث، وإعادة دراسة المدروس، والتساؤل عما إذا كانت البيضة أولا أم الفرخة، واللجنة أولا أم المجلس، لنعود إلى نقطة الصفر، وكأننا لم يسبق أن ناقشنا الموضوع. منذ اللحظة الأولى لتشكيل الجمعية التأسيسية كانت هناك آراء تؤكد ضرورة التوصل لحل سياسى، وحذر كثيرون من انفراد البرلمان بتشكيل الجمعية، وسيطرة الأغلبية على الجمعية، لكن الجماعة لم تستمع ولم تنصت، ولما جاء قرار البطلان من المحكمة، ظهرت حالة من التسويف ومحاولات الالتفاف على الحكم القضائى والدخول فى تسويف وتضييع الوقت وتأجيل من شأنه أن يعطل تشكيل اللجنة وبالتالى وضع الدستور. بينما الانتخابات الرئاسية تقترب.
ونعود للمربع الأول، ضمن حالة من اللف والدوران، لا تفيد الأغلبية ولا الأقلية ولا الشعب، الذى ينتظر الانتهاء من كل هذه الخطوات، واستكمال السلطات، ليكون من حق المواطن أن يحاسب المسؤول برلمانا أو رئيسا أو حكومة، خاصة أن الحالة المؤقتة التى نعيشها تجعل المسؤولية ضائعة، وما يراه المواطنون أن السياسيين فى البرلمان وخارجه، والمجلس العسكرى، ليس منهم من يريد الاستقرار وانتهاء المرحلة الانتقالية، والسبب استمرار الأطماع وعدم وضوح الخطاب لدى كل طرف.
ويتم تجييش الأبرياء والمخدوعين فى معارك هم ليسوا طرفا فيها. مثلما نرى عددا من أنصار حازم أبوإسماعيل يخوضون حربا من أجل شخص هو فى النهاية مواطن له أهدافه وطموحاته. لكنه يحول قضيته الشخصية إلى قضية عامة. ويواصل عملية شوشرة تشغل الناس عن القضية الأساسية. ويختلط من خسروا مكاسب العمل فى حملة تدر عليهم ربحا، مع الأبرياء الذين يصدقون الانتهازيين وأكاذيبهم. وتختفى مطالب الدستور العادل خلف صرخات الانتهازى الكذاب.
كل هذا الجدل السياسى والصراع يجرى بينما الشعب ينتظر نتائج على الأرض، وسط تراجعات الاقتصاد، وتتضاعف البطالة، وتغيب أى رؤية لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. هذا الجدل والمطامع السياسية تغطى على القضايا الرئيسية، التى لا تحتمل التأجيل.
الهدف من كل هذا هو التوصل لنظام ديمقراطى يضمن للمواطنين حقوقهم الأساسية، فى الحياة والعمل والعلاج والسكن، والأمن والنظافة والمرور والوقود والدعم والأسعار وهذه هى الغاية، وليست الغاية هى امتلاك السلطات المطلقة، والتكويش عليها. أو الاستمرار فى جدل عقيم، يستهلك الوقت والجهد ويقود إلى مزيد من الإحباط، الذى يمكن الفلول والانتهازيين من ركوب الموجة، على حساب الشعب ومصالحه.