يواجه الإسلاميون اختبارا كبيرا وحقيقيا فى الانتخابات الرئاسية، فمرشح الإخوان الاحتياطى الدكتور محمد مرسى يتحدث عن أن التعدد الإسلامى فى الانتخابات الرئاسية هو تنافس وليس تنازعا، وأن من ينتخبه ينتخب مؤسسة «الإخوان» ويصوت على مشروعها، وهذا يعنى أن الإخوان ماضون فى دعم مرشحهم الاحتياطى، هنا التحدى الرئيسى الذى يواجهه الإخوان، وهو عدم قدرتهم على تجاوز ما يمكن أن أطلق عليه «رؤية الذات»، أى أنهم يرون مصر من منظور جماعتهم هم ولا يرونها من منظور الجماعة الوطنية الأكبر.. وعلى صعيد الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل واستبعاد اللجنة الرئاسية له، فإن وراء الشيخ قوة كبيرة من الشباب ومن الفقراء ومن المهمشين، كلهم يرون أن مشروع الشريعة الإسلامية يمكن أن يكون أساسا لنهضة مصر، وقد كان الشيخ واضحا فى حمله لهذا المشروع، وهنا اكتسبت مصر قوة إضافية يمكن أن تكون رصيدا كبيرا لمستقبلها السياسى إذا قام الشيخ بقيادة هذه الكتلة الكبيرة إلى عمل مؤسسى متمثل فى حزب سياسى بعيدا عن الاستدراج إلى مزالق الصدام والعنف.
وعلى صعيد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فإنه هو الآخر قد تجمع حوله قطاع كبير من الشباب وأبناء الطبقة الوسطى ومن نالوا حظا من التواصل مع الأفكار الجديدة والحديثة، ولديهم فرصة لبناء ما يمكن أن نطلق عليه تيارا محافظا يجمع بين التقاليد والعادات وبين صيغة ذات طابع ديمقراطى يطلقون عليه فى تركيا «الديمقراطية المحافظة»، وعلى صعيد التيار السلفى فإنه يواجه تحديا، ذلك أنه منهج وطريقة حياة ونمط ثقافى أكثر منه تعبيرا عن تيار سياسى، ومن ثم فإن اندفاع هذا التيار نحو السياسة ربما لم يكن صوابا، ويواجه حزب النور تحديات عدم قدرته على التوفيق بين منطق الدعوة التى يمثلها المشايخ والعلماء ومنطق السياسة الذى يقوم على إدارة للحزب وبرنامج وحركة متغيرة فى كل لحظة، هذا العصف الذى يواجهه الإسلاميون بعد الثورة فى ظنى يتجه نحو خريطة جديدة للقوى الإسلامية ستكون مختلفة عن تلك التى بنتها التيارات والأحزاب التقليدية، فيمكن للحزب الذى يؤسسه تيار أبوالفتوح أن يكون وعاء للقوى الشبابية المتمردة على الإخوان والقوى الإصلاحية الباحثة عن صيغة لحزب سياسى متحررة من جماعة مهيمنة فوق الحزب، كما يمكن للحزب الذى سيؤسسه أبوإسماعيل أن يستقطب القطاعات التى تريد خطابا أكثر وضوحا وثورية من خطاب حزب النور السلفى، كما أن الحزب الجديد سيكون هو الآخر متحررا من عبء الدعوة السلفية التى تقف هى الأخرى فوق حزب النور وتربك حركته وتعطل فعله كحزب سياسى. الثورة أنتجت قوى إسلامية جديدة لا ترى نفسها ممثلة فى التيارات التقليدية «الإخوان والسلفيين»، وهذه القوى تبحث لنفسها عن مواطئ أقدام جديدة فى عالم ما بعد الثورة، وأحسب أن هذا العالم سيمنح تلك القوى الفرصة سلميا لتعبر عن نفسها بعيدا عن العنف لتحفظ لمصر فرصة تاريخية فى تأسيس ما أطلق عليه «الإسلام المشارك».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة