لا يمكن أن ننزع عقولنا من رؤوسنا حتى نصدق فضيلة المفتى الدكتور على جمعة فى دفاعه عن زيارته إلى القدس بأنها تمت بعيدا عن إسرائيل، وأنها زيارة رسمية وليست شخصية، فكيف يستقيم هذا الدفاع البائس مع واقع أن القدس تحتلها إسرائيل، وأنها صاحبة الكلمة الفصل فى الموافقة على من يزورها، خاصة إذا كان الزائر من وزن وعينة مفتى مصر.
ووفقا للإذاعة الإسرائيلية فإن المفتى وصل إلى المسجد الأقصى تحت حراسة أمنية مشددة، وأن الزيارة تمت بالتنسيق الأردنى مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، وليس مع وزارة الخارجية، وهذا الكلام منطقى، لأن زيارة فيها أمير أردنى ومسؤولون أردنيون آخرون، ومعهم مفتى مصر، لا يمكن أن تتم بمعزل عن إسرائيل بجيشها وأمنها، والكلام بغير ذلك هو الهراء بعينه.
أما قول المفتى بأنها زيارة شخصية وليست رسمية، فهو حديث إفك، فالخيارات الشخصية فى قضية عامة، من رجل يشغل مثل هذا المنصب الدينى الرفيع ليست محل أهواء، وليست محل رغبات شخصية، فهذا المنصب وجلاله يحتم على الرجل ألا يكون حرا فى اختياراته العامة.
أعادت هذه الزيارة الجدل إلى قضية التطبيع، خاصة فى إطار الهيئات الدينية، بعد سنوات من اختفائها، لهدوء العواصف التى كانت تأتى من شيخ الأزهر الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوى، والذى استقبل الحاخام الإسرائيلى فى مقره بالأزهر، ومشاركته الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى مؤتمر لحوار الأديان، كان هذا يحدث من الشيخ طنطاوى فى ظل نظام مبارك الذى كانت إسرائيل تعتبره كنزا استراتيجيا لها، ونال الرجل هجوما كاسحا من قطاعات واسعة من الرأى العام ونخبه السياسية والفكرية، وعبر أيضا وقتها عن تراجع كبير لدور الأزهر فى رسالته مع دول العالم الإسلامية.
يحاول شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب معالجة آثار الماضى السيئة، ويؤكد فى أكثر من مناسبة على أن القدس فى القلب، ويدعو إلى حشد كل الجهود لاستعادتها، ورغم اختلاف الوضع بين «الشيخ» و«المفتى» فإن مفاجأة الأربعاء الماضى، تقودنا إلى القول بأن هناك من يتجاهل أن مصر شهدت ثورة على نظام مبارك الذى كان يتلذذ بالعيش تحت أقدام إسرائيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة