زيارة الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية هى سقطة بالفعل من رجل نقدره ونقدر مواقفه وآراءه الدينية الوسطية، لأنها جاءت فى توقيت حرج وتزامنت مع قضية سفر مئات من الأقباط المسيحيين، والجدل الذى مازال مثارا حولها وموقف الكنيسة الواضح والحاسم من هذه القضية.
من حق الدكتور على جمعة أن يبرر أسباب الزيارة سواء كانت زيارة شخصية أو رسمية وسواء كانت بتأشيرة أردنية أو إسرائيلية، لكن من حقنا معاتبته وانتقاده عليها لأن من قام بها هو مفتى مصر الذى يتأثر بسلوكه وآرائه ومواقفه ملايين المصريين والعرب، ويسير على هديه الكثيرون، ويمكن هنا أن يتحجج الكثيرون بموقف المفتى ويقلدون سلوكه فى الزيارة، وهو ما تتمناه إسرئيل بالفعل من مثل هذه الزيارات التى تسهم فى كسر عزلتها التى فرضتها المقاطعة العربية لها منذ احتلال الأراضى العربية المحتلة.
فالمقاطعة ليست وجهة نظر، بل هى موقف وطنى أصيل لا يحتاج إلى حذلقة فكرية ومناورات كلامية تحت وهم الحوار مع الآخر والتنظير لما هو تطبيع أو ما هو غير ذلك، فأى زيارة للأراضى المحتلة من العدو الصهيونى هى تطبيع فاضح ومخالفة صريحة للمقاطعة الرسمية والشعبية للكيان الصهيونى الذى كان يأمل عند توقيع معاهدات السلام وتحديدا مع مصر أن يتناسى المصريون جرائمه ضد الشعب الفلسطينى، وأن تصبح زيارة تل أبيب مثل زيارة الأقصر وأسوان، لكن -كما قال قادته فيما بعد- كان الموقف الصلب من استمرار المقاطعة والرفض الشعبى لكل ما هو صهيونى فى مصر حتى الآن، فلم يكن الهدف هو توقيع معاهدة مع النظام الحاكم، وإنما كان الهدف هو عقل ووجدان المصريين وباقى الشعوب العربية بعد ذلك.
وأرجو من الدكتور على جمعة أن يقدر ويراعى حملة الهجوم عليه ليس كشخص وإنما كقيمة دينية مؤثرة فى جموع المصريين الذين قد يتخذون زيارته ذريعة لمخالفة الضمير الوطنى الجمعى فى المقاطعة ويحقق لإسرائيل ما تريده بل يحقق لها مكاسب اقتصادية أخرى. فالمقاطعة هى شوكة فى قدم إسرائيل ووجع دائم فى اقتصادها. فالخسائر الملموسة للمقاطعة الإسرائيلية تقدر بنحو 95 مليار دولار منذ تأسيس المقاطعة، وأكثر من ذلك وهو ما يؤكد فعالية المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلى الذى يخسر سنويا 3 مليارات دولار بسبب المقاطعة.
وربما يكون الجدل الدائر حاليا حول زيارة المفتى للقدس فرصة للتأكيد على الثوابت الوطنية للموقف الشعبى الرافض لإسرائيل والتطبيع معها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة