ليست الثورة فى كثرة المنصات ولا فى تعدد الميكروفونات، ولا فى هؤلاء الذين حولوا الثورة إلى مشروع استثمارى وبرامج لزيادة الدخل. ولا فى من تضخمت ذواتهم والتهبت نفسياتهم يصرخون « أنا الثورة.. احنا اللى قمنا بالثورة احنا اللى بنعرف وبنفهم وقبلنا مافيش حاجة».
الثورة فى ملايين فى الأحياء والمحافظات يواجهون التشاؤم بالأمل، ويدافعون عن المستقبل بالعمل، لا تلهيهم المنصات والتوك شو عن الوطن، ولا يتحولون إلى ميكروفونات بلا عقل ولا ببغاء إليكترونى، بل هؤلاء الذين يهدمون الباطل والكذب بالسخرية المرة، ويفضحون الانتهازيين وطلاب السلطة.
عاد ميدان التحرير مزدحما، بالبشر والهتاف، لكن المنصات جعلته «شتى»، الإخوان عادوا للميدان بعد انقطاع، يقولون إنهم يخرجون كمواطنين ضد العسكر، وفى كل مرة كانوا يجدون مبررات للعسكر. الجماعة مازالت تقاوم تنفيذ حكم القضاء ببطلان الجمعية التأسيسية التى سيطر عليها الإخوان، يخرجون بعد رفض مرشحهم خيرت الشاطر، والشاطر يخرج للمرة الأولى ويقول كمواطن، ألم تكن مواطنا قبل رفض ترشحك؟. لا يخرجون من أجل التوافق بل من أجل الالتفاف على حكم بطلان التأسيسية، يقولون لا دستور تحت حكم العسكر وهم من دافعوا عن إعلان العسكر الدستورى المشوه، يقولون إنهم يشككون فى لجنة انتخابات استبعدت مرشحهم، ولم يشككوا فى لجنة أشرفت على انتخابات أتت بهم للبرلمان أغلبية،، يقولون إنهم ضد العسكر ومع تسليم السلطة وفى الواقع يدافعون عن تأسيسية يسيطرون عليها، وعن التفافات ومناورات، ماذا ستقولون فى منصاتكم وعن ماذا تدافعون؟
أنصار أبوإسماعيل يخرجون بيعة لمرشحهم المستبعد بمادة فى الإعلان الدستورى صوتوا عليها ودافعوا عنها وكفروا من عارضها. يدافعون عن فرد ولا يهمهم غيره.
لأى منصة يذهبون؟ منصة حازم أم الشاطر. أم شيوخ وخطباء يأكلون فى كل الائتلافات، ويخطبون على كل المنصات، ائتلافات الكاميرا. والذين حولوا الثورة إلى مشروع تجارى يدر عليهم الربح وعقود الاحتراف.
ومن كان خروجهم من أجل منصة أو ميكرفون أو كاميرا لا يمكن توقع الخير منهم، منصات فى ميدان الثورة من أجل الثروة أو السلطة.
يبقى هؤلاء الذين بلا منصة ولا ميكروفون، يخرجون من أجل دستور لكل المصريين يشارك فيه المصريون وليس جماعة أو تيارا. يحلمون بالمستقبل الأفضل، يرفضون المنصات ويخرجون ضد من يركبونها، ومن يتاجرون بالثورة ويحاربون أهدافها. لا يصدقون تحركا تكتيكيا ضد العسكر، ينتبهون لأغلبية تخرج من أجل احتكار الجمعية التأسيسية، ومتربحين يقبضون ثمن مبايعاتهم.
كل الزحام فى الميدان بجمعة تقرير المصير، ولكل فريق مصير يريده، وليس مصيرا واحدا. مصير شتتته المنصات. التى تتحالف مع العسكر وتعارضهم حسب مصالحها. ائتلاف ازدواجية المنصة.
وتبقى الثورة فى قلوب شباب لا يأكلون على كل الموائد ولا يخطبون على كل المنصات، يحلمون بالمستقبل بعيدا عن انتهازية المنصات.