أول يوليو موعد على رقاب الجميع، والمجلس العسكرى يراهن على مصداقيته لتسليم السلطة لكن التحركات على الأرض لا تبشر بإمكانية كتابة الدستور والاستفتاء عليه خلال 31 يوما تفصلنا عن موعد انتخاب الرئيس. فالقوى السياسة غير متفقة على شكل الدولة وموقع الجيش فى النظام السياسى والأهم مكانة الشريعة وحقوق المسيحيين فى الدستور. بل إن هناك إشارات لتأجيل انتخابات الرئاسة، فالدستور قبل الانتخابات، وبعض القوى الثورية تؤكد أنه لا ضمان لكتابة دستور تحت حكم العسكر، لكن هل يمكن بالمقابل ضمان كتابة دستور تحت حكم رئيس مدنى قد يتدخل لتوسيع صلاحياته، ثم هل من المنطقى ادعاء أن وجود رئيس مدنى سينهى دور العسكر فى السياسة.
أزمة مركبة، وعامل الوقت ضاغط على الجميع، ومؤثر فى اتخاذ القرار، لذلك اقترح البعض سرعة الانتهاء من الدستور والاستفتاء عليه قبل انتخاب الرئيس، وهو استعجال «وكروتة» غير مطلوبة، ستنتج دستورا محكوما عليه بالموت خلال سنوات، لأن الشعب لن يتمكن من المشاركة فى كتابته ومناقشته على نحو سليم خلال 31 يوما، كما أن الدعوة لاستخدام دستور 71 بعد تعديله، أو نقل بعض مواده لا تخلو من عيوب دستورية وسياسية بل أخلاقية، فكل دستور يعكس اللحظة التاريخية أو روح الأمة فى مرحلة معينة، وبالتالى من غير اللائق حبس ثورة يناير فى رداء دستور 71 أو 1954. ولا يمكن أن يكون فشل النخبة السياسية وأطماع الإخوان فى التكويش على السلطة مبررا لإحياء دستور ثار الشعب عليه وأسقطه.
واقترح فريق آخر استمرار العمل بالإعلان الدستورى بعد انتخاب الرئيس، إلى حين الانتهاء من كتابة دستور جديد يتضمن حكما انتقاليا ينص على قيام الرئيس المنتخب بإعادة القسم على الالتزام بالدستور الجديد وحمايته. والكارثة المترتبة على هذا الاقتراح هى إعادة إنتاج مستبد جديد، فالرئيس المنتخب أيا كانت شخصيته سيجد أمامه سلطات واسعة مستمدة من الإعلان الدستورى، وبالتالى قد يسىء استعمالها. وقد يحرص على إطالة أمد كتابة الدستور.
أعتقد أن المخرج الوحيد من الأزمة يتطلب تنظيم حوار مجتمعى يشارك فيه ممثلون عن المجلس العسكرى والقوى الإسلامية والمدنية وشباب الثورة، ولا بد أن يتسم الحوار بالصراحة والوضوح، والبعد عن المناورات والصفقات السرية، حتى يمكن التوافق على:
1 - شكل الدولة والنظام السياسى ودور الجيش وصلاحياته.
2 - عدم تأجيل انتخاب الرئيس، وتخلى المجلس العسكرى عن سلطاته فى الأول من يوليو.
3 - عدم ممارسة الرئيس المنتخب مهام منصبه إلا بعد كتابة الدستور الجديد، أى أن يكون لدينا رئيس منتخب لكنه لا يمارس مهام منصبه إلا بعد أربعة أشهر مثلا، تجرى فيها عملية كتابة الدستور الجديد وإقراره. وخلال هذه الفترة يتشكل مجلس رئاسى مؤقت من الأحزاب الممثلة فى البرلمان بواقع عضو عن كل حزب، أو يقوم رئيس المحكمة الدستورية بمهام رئيس الجمهورية.
اقتراحى قد يثير غضب أنصار الرئيس القادم والمجلس العسكرى وربما المتوهمين بأن انتخاب الرئيس يعنى الاستقرار، لكن لنفكر فى كل الاقتراحات والبدائل، فعلاج الأزمات يتطلب التفكير خارج الصندوق، وتعديل بعض التوقيتات. ولنتذكر دائما أن الأخطاء والجرائم التى وقعت فى المرحلة الانتقالية تحتاج إلى بعض التضحيات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة