الفرق بين الدول العظمى، والدول الصغرى، والدول النائمة أن شعوب الدول العظمى تقود حكومتها إلى الطريق، والصغرى هى التى ينتظر شعبها أن تقوده الحكومة إلى الطريق، أما النائمة فهى الشعوب التى تطلب من الحكومة أن تحملها «مثل العيال» طوال الطريق. وسر فساد حكامنا الدائم أننا نعاملهم من منطلق أبوى، فنعطيهم قدسية الأب، وننتظر منهم حنان الأم، ولذلك لا نأخذ منهم إلا «على قفانا».. وهذه تجربة تاريخية، صناعة مصرية، فنحن ننتظر الرئيس الأب الذى يرسم لنا المستقبل، ويقول لكل منا «هيطلع إيه»، و«هيكسب كام»، و«هيتجوز مين»، و«اسم العيال إيه»، لنكتشف أنه باع البلد لعياله، وأكّلنا حمص وركّبنا المراجيح.. فالحرية مسؤولية، لذلك يخافها الناس ويركبون المراجيح، هكذا قال «تشرشل» والمرحلة الانتقالية.. فعلى مدار عام وشهور ونحن ندور فى فلك السلطة والكراسى، على الرغم من أن حالتنا الاقتصادية كانت ومازالت «منيلة بنيلة».. فلم نسمع أو نرَ حزبا أو تيارا مشغولا بمشاكل الفقر أو المرض أو البطالة، أو حتى لمّ الزبالة، الكل مغرم بالسلطة، ولا أحد يشعر بالوطن أو بالهائمين فيه كأطفال الشوارع.. كنا ننتظر أى مشروع قومى من أى «حد» وطنى، لعله يحرك فينا الأمانى الضائعة، ولكن كل ما طرح علينا كان أقرب للمراجيح، وطلعنى فوق السماء، وطيرنى فوق الأرض، ونزلنى «على مافيش»، فكل ما عرفناه «سرحان كلام»، فلا تعرف هل هم يصرحون أم يسرحون، ومن العبيط فينا؟.. ولكن النتيجة واحدة، ونحن فى انتظار بابا الرئيس المحتمل يمكن «يشيل بلاوينا».. فلا تتعجبوا حينما يتحرك كل شىء مرة أخرى بتوجيهات الرئيس، وتعليماته، و«حنيّة» قلبه، وشفقته على المواطنين.. لا تغضبوا حينما تقف البلاد على قرارات شخص، وتتحرك بقرارات نفس الشخص، وكأننا عرائس بخيوطه مربوطون.. فمادام البلد يتحرك من «فوق» لا تنتظر النعيم «تحت».. فلقد كان البلد بأيدينا، ولكننا لم نتحرك، ولن نتحرك إلى أن يظهر الرئيس.. فتخيل معى أن روح الثورة استُغلت فى تحفيز الناس على العمل والإنتاج، وأن جهابذة الفضائيات تفرغوا للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وأن الأموال التى تم ضخها بهدف اللعب على عقول الناس سياسيا تم استغلالها فى مشروعات تنموية صحية، أو تعليمية، أو حتى صناعية وزراعية.. تخيل لو خرجنا من تلك الثورة لندخل بطاقتها فى مشروع قومى، مثل الذى اقترحه الدكتور فاروق الباز أو أمثاله.. تخيل لو كان الإخوان أو السلفيون بانتشارهم وقدرتهم على التأثير فى الشارع يقودون الوطن نحو مشروع نهضة اقتصادية غير مشروطة بالانتخابات الرئاسية، أو بجنسية أم الحاج أبوإسماعيل.. تخيل معى، ثم استغفر الله لأن «لو» تفتح باب الشيطان، ونحن مش ناقصين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة