عاشت مصر طريقتين للحكم قبل ثورة 25 يناير،أولاهما النظام البرلمانى بصورة الملكية الدستورية مثل النظام البريطانى والذى يحكم فيه هو رئيس الوزراء، الحائز على الأغلبية البرلمانية. ثم جاءت ثورة يوليه 1952م بقيادة عبدالناصر، فألغت هذا النظام وألغت الأحزاب والديمقراطية، وأقامت نظاما ًرئاسيا ً ديكتاتوريا ً يعطى للرئيس كل الصلاحيات. ثم جاء السادات ومبارك وسمحا بقيام التعددية الحزبية، ولكن ظلت التعددية السياسية والحزبية شكلية، وتمسكت مؤسسة الرئاسة بكل الصلاحيات السابقة، دون أن تكون مسؤولة أمام البرلمان، والمسؤول أمامه هو رئيس الوزراء والوزراء. ولولا قيام الثورة.. ما استطاع أحد أن يسأل مبارك عما فعل، وقد أدى مبارك ونظامه ومظالمه إلى كراهية المصريين للنظام الرئاسى.
ويرى البعض أن النظام البرلمانى الذى كانت عليه مصر قبل ثورة يوليه، لا يصلح لمصر، حيث إن مصر لا تتحمل أن تكون دون حكومة لعدة أشهر، كما يحدث فى إسرائيل أولبنان أو العراق. فمصر ليست دولة مؤسسات عريقة حتى الآن، بحيث تسير منظومة الحياة على طبيعتها حتى لوطال وقت تشكيل الحكومة. كما أن مصر ليست فى ترف من العيش أوبلاعدائيات أو مخاطر إقليمية ودولية مثل بريطانيا، وغيرها من الدول البرلمانية العريقة التى يدور دولاب العمل فيها بانتظام بعيدا ًعن تشكيل الحكومة.
ويطرح العديد من المفكرين السياسيين النظام شبه الرئاسى ليجمع بين حسنات النظام الرئاسى والبرلمانى، وهذا النظام موجود فى قرابة 40 دولة، وأول من قال بهذا النظام العالم الفرنسى موريس وفرجيه ومن أهم ملامحه توازن السلطات بين الجهات السياسية الثلاث، الرئيس والبرلمان ورئيس الحكومة. فالنظام البرلمانى يعطى البرلمان كل السلطات، والرئاسى يعطى الرئيس كل السلطات. أما شبه الرئاسى فيوزع السلطات والصلاحيات بينهم جميعا، ويمنع النظام شبه الرئاسى أن تدعى سلطة من السلطات الثلاث شرعية أكبر وأسمى من الأخرى، ولا يبيح للبرلمان أن يقيل الرئيس بعد انتخابه، لأن ذلك يخل بتوازن السلطات، وقد يعطى هذا النظام سلطات حق الفيتو لبعض جهاته، ضد أى قرارات تغير شكل النظام السياسى كله، مثل حل البرلمان أو إقالة الحكومة. والرئيس لا يملك فى هذا النظام سلطات تشريعية، ولكن يملك حق الفيتو والنقض، ولا يمكن للرئيس ولا البرلمان إقالة الآخر. كما أنه يضع الحكومة للمساءلة أمام الرئيس والبرلمان معا، ويسمح بوجود جهتى حكم تنفيذية هى الرئيس ورئيس الوزراء، يتشاركان الصلاحيات وذلك يجنب البلاد سيناريوهات هيمنة الحزب الفائز فى الانتخابات على سلطات الدولة كافة.
ولكن يعاب على النظام شبه الرئاسى، أنه يؤدى إلى انتخاب رؤساء بشكل مباشر، قد لا تتوفر فيهم صفات الرئاسة رغم شهرتهم الشعبية، وهؤلاء قد يتحول بعضهم إلى ديكتاتور بعد الوصول إلى الحكم. ومن عيوبها ازدواج المسؤولية التنفيذية بين الرئيس والحكومة، مما قد يؤدى إلى صراع بينهما. وتعتبر مصر مناسبة للنظام شبه الرئاسى، حيث توجد أغلبية نسبية لحزب الحرية والعدالة ستدعم الحكومة القادمة، مع حيادية الرئيس أو انتمائه لحزب آخر، أو عدم انتمائه لأى حزب، وهذا قد يطمئن كل المصريين بجميع أديانهم وأطيافهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة