كنت دائما مشغولا بالتساؤل عما إذا كان السحرة وصانعو الأعمال السفلية والعلوية يقدرون على حل مشكلاتهم مع الحياة، ولم أتلق أى إجابة عن أسئلتى، فقد كان رجال ونساء السحر الأسود غالبا ما يعانون ما يعانيه المواطن العادى من مشكلات، فالساحر يظل مزنوقا فى الزحام، كما أنه يمرض ويموت ويذهب للأطباء، ويعانى من عسر الهضم وانتفاخ القولون. وفى أيام الحرب مع إسرائيل كنت أتساءل عما إذا كان من الممكن أن يعثر الواحد على «طاقية الإخفا»، ليدخل خلف خطوط العدو ويهزمه، وكان كل واحد يتخيل نفسه وهو يقتل ويفجر دون أن يراه أحد. لكن للأسف لم يحدث أن نجحت الدول التى تضم أكبر عدد من السحرة فى هزيمة أعدائها، ولا نجح ممارسو السحر الأسود والأبيض فى حماية أنفسهم من الأنفلونزا.
تذكرت كل هذا عندما قرأت- نقلا عن سمعت- أن الكهرباء انقطعت فى ميدان التحرير فجرا، فظهرت هالة نورانية تشع من ملصقات حازم، اعتبرها البعض «علامة وإشارة وتعضيضة»، ومن قبل أشاع أحد الشيوخ أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبره فى رؤيا بأنه راض عن المرشح، بما يعنى أن المرشح المستبعد يحظى بكل هذا التأييد، ويعجز عن التأثير فى اللجنة العليا للرئاسة، أو يتدخل بقدراته النورانية للتأثير فى الخارجية الأمريكية والسجلات ليكشف الحقائق، وينهى القضية بدون أى إجراءات قضائية أو قانونية. ونحن هنا لم نعد أمام مرشح للرئاسة يمارس السياسة، وينافس مرشحين عاديين «لاينورون فى الظلام» لأنهم مجرد بشر يصيبون ويخطئون ويجتهدون، إنما نحن أمام صراع بين بشر، وملهم أو مكشوف عنه الحجاب. ومثل هذا المرشح «اللى بينور» لايحتاج إلى أصوات ناخبين، ولا إلى مواطنين، وإذا تولى الرئاسة فمن الصعب الحديث عن الإقصاء وتداول السلطة، لأننا أمام رئيس غير مسبوق ولا ملحوق، لايرد ولا يستبدل، بصرف النظر عن الصدق والكذب والمناورة.
وإذا كان لدينا أمثال هؤلاء المرشحين الذين تضىء بوستراتهم فى الظلام، فلسنا فى حاجة لبذل جهد، والبحث عن رئيس نحاسبه، أو يسعى لتوظيف العلم ودعم البحث العلمى، لأنه بقدراته الماورائية، سيكون قادرا على حل كل المشكلات، يجعل الفقراء أغنياء، والمرضى أصحاء، والمواصلات فاضية والطرق ممهدة، ينهى الزحام، والتلوث، والفساد، وكمين الشرطة، ويعرف كل ما يريده دون الحاجة إلى أجهزة أو مساعدين.
وإذا كان المتحدث عاقلا، فعلى المستمع أن يكون «أهبل»، يشغل عقله الناقص بالتساؤل عن الحاجة للعلم والتفكير والبحث والتعب والاجتهاد، والتفرقة بين الدول المتقدمة التى تحترم مواطنيها، وتساوى بينهم فى الحقوق والواجبات، وتفكر فى خطط اقتصادية وسياسية ترهق العقل والقلب، وأمامهم الرئيس السهل الملهم الذى يضىء فى الليل، وينتصر على كل الأعداء، وينهى كل المشكلات فى غمضة عين.