كما توقعنا منذ أسابيع، فقد تواصل فيلم «سحبت ثقتى ياجنزورى»، دون أن يسحب مجلس الشعب الموقر الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزورى المؤقتة. وكل ما استفدناه هو كلام واستعراضات، كان أولى بها أن تتوجه لمواجهة المشكلات الأساسية، وأن تتجاوز حالة الأنف والأذن والحنجرة فى برلمان شو.
فبعد التلويح ومزيد من التلويح، وبعد أن قضى الموقر ردحا من الجلسات لتحضير الرد على بيان الحكومة، وانتهى بعد بحث المبحوث، وتضييع الوقت إلى رفض البيان الذى هو ليس بيانا، ولا الحكومة حكومة مستمرة، وأعلن الموقر رفض بيان حكومة الجنزورى، بعد مزيد من الوقت كان المواطن أولى به، وهو يعانى صنوف الأزمات، وارتفاع الأسعار، وتداعيات الحمى القلاعية والسولارية والغازية والسمكية واللحموية، فضلا عن الأزمة القمامية.
حكومة الجنزورى مؤقتة، يفترض أنها تمارس دورا محددا بنهاية الفترة الانتقالية وتسليم السلطة، لكن الأغلبية وضعت رأسها برأس الحكومة، وأصرت على مناقشة بيانها ورفضه، مع أن المجلس بأغلبيته وأقليته يعلم أنه ليس بيانا مؤبدا. الحكومة هى الأخرى انشغلت بالقضايا العميقة وتجاهلت القضايا المهمة، ولم يلتفت البرلمان ولا الحكومة كثيرا إلى موت الشعب فى طوابير العيش، ولا فى استمرار أزمة السولار، وارتفاع الأسعار، والبطالة، وتراجع السياحة، وانشغلوا بملاعبة الحكومة، والعناد مع الوزراء، واستدعائهم وتوجيه اللوم لهم، ونسوا مثلا قانون التأمين الصحى، وأحوال المرضى المصريين، وأوضاع المصريين فى الخارج، ومعاناتهم مع الكفيل، ومع الإهانات التى يتعرضون لها فى العمل بما يشبه السخرة، وتفرغوا لملاعبة حكومة الجنزورى، والتأكيد أن البرلمان سيد قراره.
كل ما استمعنا إليه من كلام أعضاء المجلس هو كلام من الحنجرة والأنف والأذن، وحرص أحد نواب الأغلبية على أن يبلغ الجنزورى أن الست والدة السيد النائب بتبلغ الجنزورى أنها ترفض بيانه، ولم يخبرنا سيادة النائب عن رأى الست والدته فى أداء الأغلبية فى مجلس الشعب، ولا فى التكويش والأعراض «الحزبوطنية» التى تجعل ودنا من طين، والأخرى من عجين.
ألم تقل الست الوالدة للسيد العضو إن المجلس الموقر بلا فعل ولا خطط، وإنه مايزال يلتف على حكم بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية، وإنه يتجاهل أزمات وكوارث، مثل الحمى القلاعية، وحريق بترول السويس، وقتلى طوابير العيش، ولا الزبالة، وهى قضايا لم ترد فى بيان الحكومة الإستراتيجية، ولا مجلس الشعب التكتيكى، وانتهت بالتعادل للحكومة والمجلس، وبهزيمة المواطن فى طوابير العيش والمستشفيات والبطالة والتعليم.
انتهت جولة سحب الثقة بدون سحب ثقة، وبدون ثقة من الأساس، واستمتع المجلس بممارسة الكلام والاستعراض على الحكومة التى استمتعت بهجوم المجلس، وخرجت من البحر دون أن تبتل، وإلى جلسة جديدة لتحضير سحب الثقة، وكل «دورة برلمانية» والأعضاء بخير.