قد نختلف مع الفنان عادل إمام سياسيا وفنيا، لكن بكل تأكيد فإن تأييد الحكم بحبسه بتهمة «الإساءة للإسلام» فى بعض أعماله الفنية وبآثر رجعى أمر مفزع ومقلق ويثير المخاوف على حرية الإبداع والتفكير والفن فى مصر بعد الثورة، فى ظل تنامى التيارات الإسلامية وظهور ما يسمى بقضايا الحسبة لبعض هواه الشهرة من «خفافيش وطيور الظلام».
مصير الحكم سواء بعدم تنفيذه أو إلغائه فى درجات التقاضى الأخرى يؤكد الشكوك من تيار عريض من المبدعين والمفكرين والفنانين فى موقف التيار الإسلامى بتفريعاته من حرية التعبير والإبداع، خاصة أن هذا التيار هو المسيطر الآن على السلطة التشريعية فى مجلس الشعب والشورى، وأن مواقفه من حرية الرأى والتعبير غير مشجعة حتى الآن، بل أنه يشجع على الترهيب والتخويف ويفتح الباب لرفع المزيد من قضايا الحسبة الدينية والسياسية، وفرض نوع من الوصاية والرقابة ومصادرة الإبداع من أشخاص ليسوا ذا صفة، ويشجع أيضا على خلق محاكم تفتيش دينية وجماعات وهابية رجعية مثل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
والقضية هنا ليست عادل إمام وحده ولكنها قضية مستقبل الحريات العامة وحرية الإبداع والفن فى مصر، التى كانت أهم شعارات وأهداف ثورة 25 يناير، فى ظل عدم وضوح رؤية وموقف التيارات الإسلامية من هذه القضية، وخروج فتاوى مضللة وتصريحات مخيفة من بعض دعاة هذا التيار تحرم وتكفر أعمالا أدبية وفنية، بما يهدد ليس فقط حرية الإبداع وإنما حياة الفنانين والمبدعين فى مصر، ولا ننسى ما حدث مع أديبنا العالمى الراحل نجيب محفوظ فى اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة، بسبب روايته المثيرة للجدل، رغم أنه لم يقرأ رواية واحدة للأديب الراحل لكنه تأثر بفتوى من الشيخ عمر عبدالرحمن بقتل نجيب محفوظ.
الدفاع عن حرية الإبداع والتفكير والفن هى قضية مجتمعية ضد محاكمة المبدعين والفنانين بالهوية الدينية. ومن هنا نحن نأمل أن يكون القضاء المصرى الشامخ هو أحد قلاع حماية الحريات فى المجتمع ضد هذا النوع من القضايا التى تهدد هوية وثقافة المجتمع المصرى وإسلامه الحضارى.