حديث الصفقة عاد مرة أخرى للشارع السياسى عقب الإعلان المفاجئ لجماعة الإخوان بترشيح المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد لمنصب الرئيس القادم، فالسائد الآن أن المجلس العسكرى وافق على ترشيح الشاطر مقابل «الخروج الآمن» ووضع ميزة دستورية له، بعد أن تأكد للمجلس أن باقى القوى السياسية اليسارية والليبرالية، لا يمكن الرهان عليها، وأن من الأجدى التفاوض مع فصيل سياسى هو الأقوى والأوضح والمسيطر الآن، بديلاً عن الدخول فى حوارات مطولة مع عشرات الائتلافات والأحزاب التى اتخذته عدوا منذ البداية وقررت مقاطعته واتهامه بالتآمر، والانقضاض على الثورة وخرجت فى مسيرات ومظاهرات ومليونيات ضده.
الشواهد على حديث الصفقة خلال الأيام الأخيرة متعددة، ورصدها مهم، فقد التقى الشاطر والدكتور محمد مرسى مع المجلس بشكل مفاجئ، لوقف التصعيد والأزمة الوهمية بين الجانبين فى مسألة تشكيل الجمعية التأسيسية، وسحب الثقة من حكومة الجنزورى، وعقب اللقاء.. تردد وبقوة أن قراراً صدر بالعفو الرئاسى عن خيرت الشاطر فى القضايا السياسية المتهم فيها، تمهيداً للترشيح للرئاسة كجزء من الصفقة. لذلك قد يرى البعض أن قرار ترشيح الشاطر ليس قرار مجلس شورى الجماعة، وإنما قرار المجلس العسكرى.
الشاهد الثانى.. أنه وعقب اللقاء، أعلنت الجماعة عن التراجع عن تنظيم مليونية الجمعة الماضية، لدعم تأسيسية البرلمان التى يسيطر عليها الإخوان.
الصفقة هنا بالتأكيد لها حسابات المكسب والخسارة، والتقلبات المفاجئة فى رمال السياسة المصرية بين ساعة وأخرى، قد تعيد حديث الصفقة إلى المربع الأول، ونقطة الصفر فى حالة عدم الالتزام بضوابط الصفقة وشروطها.
والجماعة يبدو أنه لم يعد فى أولوياتها الاهتمام بحسابات المصداقية والشعبية وحسابات الثورة، فقد تسرعت بحرق المراحل على حساب كل شىء لحساب المصلحة الخاصة لمطامع ومطامح الجماعة فى السلطة، فالشاطر – مثلاً - ليس هو الشخصية الشعبية المعروفة حتى تدفع به الجماعة لمنصب الرئيس، والتخلص من الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كان مجرد تصفية حسابات معه، ومعاقبته على الخروج عن فقه السمع والطاعة للجماعة ومجلس شوراها.
وبقدر ما أحدثه قرار ترشيح الشاطر للرئاسة من صدمه وارتباك داخل فصائل الإسلام السياسى، فإن فشله فى الوصول إلى كرسى العرش أمر وارد جداً، وقد يصب فى صالح مرشح آخر يريده المجلس العسكرى، وفى النهاية لن تكسب الجماعة، ولن ينجح الشاطر.