كل ربع ساعة نحن أمام نصف معلومة، وثلاثة أرباع تحليل وكثير من التكهنات واللوغاريتمات والمؤامرات، وإجابات عن أسئلة غير مطروحة، وتجاهل أسئلة إجبارية، دون اعتراف بأننا فى حالة من الصراع السياسى تحتاج إلى بعض العقل والقليل من اللت والعجن.
التحاليل الاستراتيجية تجاوزت الاستراتيجيين. نحن فى بلد يتيح مرشحا رئاسيا لكل مواطن، ومحللا لكل كائن حى، وائتلافا لكل ناصية، وعلى الإنترنت أخذها مواطنون من قصيره وأصبح كل مواطن محلل نفسه واستراتيجى ذاته، ولا فضل لاستراتيجى على مواطن، طالما تسود التكهنات، وينتشر ضرب الودع والخلط بين التوقعات والرغبات ومزج البهارات «بالتوكشوهات» ضمن «بلهنيات البلبلات»، وكل خبر يصبح تحت أيدى المحللين، الشىء ونقيضه فى نفس واحد.
تأمل حجم التكهنات الاستراتيجية والمضادات الحيوية التى أطلقها حكماء الاستراتيجية، لتحليل ترشح خيرت الشاطر للرئاسة، وجعلوها مؤامرة من الإخوان، أو مؤامرة بين الجماعة والعسكر، أو بين العسكر وبعضهم.
قال محللون فى المدينة إن جماعة الإخوان تخوض صراعاً مع المجلس العسكرى، رداً على تهديدات، نفى البعض وجودها من الأساس. بينما ذهب آخرون إلى أن الجماعة اتفقت مع المجلس العسكرى، والدليل أن المجلس هو الذى أسقط التهم عن الشاطر ليمكنه من الترشح. وقال قائلون إن الإخوان رشحوا الشاطر لينافس حازم أبوإسماعيل، لصالح مرشح ثالث، أو لصالح نفسه، أما التفسير الاستحواذى فيرى أن الإخوان رشحوا الشاطر لاستكمال منظومة التكويش على السلطتين التشريعية والتنفيذية وتنفيذ خطة الزحف الكبرى، وهناك من قال إن ترشح الشاطر جاء لمواجهة عبدالمنعم أبوالفتوح، الخارج على الجماعة، من قالوا هذا لم يقولوا هل هزيمة أبوالفتوح لصالح المجلس أم لصالح الجماعة. ويأتى من يتبنى نظرة المؤامرة «الدائرية» ويقول إن الخلاف المعلن مع أبوالفتوح تكتيك إخوانى متفق عليه، بين أبوالفتوح والجماعة، حتى يحظى بالشكل الليبرالى ويمكنه أن يحصل على أصوات أنصار الدولة المدنية، ثم يخرج بعد فوزه ليخلع القناع ويعلن نفسه رئيساً إخوانياً، هناك من ينتقل إلى القول بأن ما يجرى تخطيط من المجلس العسكرى لجرجرة الإخوان ليكرروا أخطاء سابقة، وينتهى الأمر بالقفز على السلطة، ويتجاهل هؤلاء الفرق بين الخمسينيات والألفية، وما حققته الجماعة من الوصول للسلطة التشريعية، مؤامرات تبدو بعيدة، لكنها متاحة وسط حالة من الشك غير المنهجى ينتجها الفراغ وغياب البوصلة، مؤامرات لها بعض المنطق ولها ما ينسفها، وخلط بين التحليلات والرغبات ممن اعتادوا الاستمتاع بمضغ مؤامراتهم، مستبعدين أهم نقطة.. أن يكون ما يجرى صراعاً سياسياً يخوضه كل طرف بحثاً عن مصالحه، ويلعب بالأوراق بمزيج من الانتهازية والمناورات، لا يكفى معها مضغ الكلام ونقيضه، بل أن يبحث المحللون عن طريق آخر غير الكلام لتفسير الأفعال.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة