لست هنا فى حاجة إلى القول إنى على خلاف عميق وجذرى مع ظاهرة «حازم أبوإسماعيل» ومؤيديه، لكن ما أن تسيل الدماء حتى تختفى الخلافات، وبرغم أنى لا أعلم على وجه التحديد ما هى مطالب اعتصام وزارة الدفاع، وما هى دوافعه الحقيقية لكنى لا أقدر على تجاهل ما حدث صباح أمس من عنف أسفر عن إصابة العشرات بإصابات قطعية ورصاصات الخراطيش، فى ليلة كئيبة يحاصرها الدم ويشعلها مجهولون ثم يهربون.
ها هى نفس آليات العصر الذى حسبناه بائدا تظهر من جديد، بلطجية مأجورون يعتدون على معتصمين أو متظاهرين سلميين، نفس ما حدث فى مظاهرات كفاية فى أيام المخلوع وحدث فى مظاهرات يناير والمعركة الشهيرة بموقعة الجمل، والبالون وماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود، والمجمع العلمى، هى ذاتها الآليات الرخيصة، وهو ذاته التبجح المجرم، والثمن دم مصرى يسيل بلا رحمة على يد حفنة من لصوص الحق المكتسب.
الكل هنا ملام، مجلس عسكرى لا يفهم إلا لغة الدم، ومجلس شعب ترك اسمه ووظيفته التى تحتم عليه الحفاظ على دماء الشعب وتفرغ لخصومته مع كمال الجنزورى، والقادة السياسيون الذين دعوا لاعتصام التحرير ومنهم الإخوان وأبوإسماعيل، كلهم تركوا إخواننا يضربون وشاهدوا دماءهم تسيل ولم يكلفوا خاطرهم أن يذهبوا إلى مقر الاعتصام ليتحدثوا مع شباب المعتصمين ويتعرفوا على مطالبهم، ولكنى أخص بالإدانة حازم صلاح أبوإسماعيل الذى يترك أتباعه دائماً ليدفعوا ثمن تأييدهم له ومحبتهم إليه دما، ويجب هنا أن نتذكر أن أبوإسماعيل كان أحد أهم أسباب أحداث محمد محمود، حينما دعا الشباب للاعتصام ثم تركهم، وكان من تبعات ذلك أن بقيت عدة أسر من أسر الشهداء فى الميدان لتفترسهم أقدام العسكر صباحا، لتتجدد الاشتباكات مرة أخرى، ويموت العشرات ويصاب المئات.
أعتقد أن حالة اللامبالاة والتراخى والـ«زفلطة» اللغوية التى يدمنها أبوإسماعيل يجب أن تنتهى الآن، فليس بعد الدم إثم، يجب عليه الآن أن يخرج إلى أتباعه الذين يصدقونه كما لو كان إلها، ويقول لهم الحقيقة عن كل شىء وفى كل شىء، إن كان ينوى المسير فى تكذيبه للجنة الانتخابات الرئاسية ووزارة الخارجية والإدارة الأمريكية فليس أقل من أن يثبت لأتباعه أن أمه ليست أمريكية، وأن يطلع عليهم بالجرين كارد المختفى الذى يثبت صدق كلامه، ويجب عليه أيضا أن يأتى بجواز سفر أمه المصرى وبه تأشيرات تحركاتها بعد التاريخ الذى تقول أمريكا إنها حصلت فيه على الجنسية، ويجب عليه أيضا أن يأتى بإثباتات تعاملاتها فى أمريكا باعتبارها مصرية وليست أمريكية، أما لو استمر التسويف والتوعد والهروب من المواجهة فمن العبث أن يستمر مناصروه فى تأييده وهم يرون دم إخوانهم يسيل من أجل من لا يصدقهم.
أيقظ الدم المصرى فى العباسية أخوة الدم المصرى فى محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها من المواقع، وأعتقد أن أهم ما يجب أن يلتفت إليه رئيسنا القادم هو حل تشكيلات البلطجة العصابية التى أدارت شؤون البلاد لما يقرب من سنة ونصف، فقد قال أحد البلطجية الذين تم القبض عليهم إنه اشترك فى كل المعارك سالفة الذكر، ما يعنى أن ما كان يقال باعتباره تكهنات أصبح اليوم واقعا ملموسا، وأعتقد أنه إذا ما تم الكشف عن هذا التنظيم المخرب فإن العديد من الأمور الغامضة ستتضح، يسقط يسقط حكم العسكر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة