بلد كبير.. لكنه الآن فى حالة ضعف. هذه هى الحقيقة التى يجب أن ننطلق منها. ليس عيبا أن نكون ضعفاء الآن.. العيب ألا نعرف ذلك، أو نعترف بذلك.. أو نصدق أننا الآن فى مرحلة قوة!
مصر كبيرة. لكنها لن تظل كذلك. بعد 450 يوما من الكلام المتواصل تآكلت شواطئنا. فقد اكتفينا أن نتكلم عما نريد.. لم نصنع فى الوقت نفسه مانريد. لكى نبقى كبارا.. يجب أن نعمل، وأن نسكت، أن نحلم.. وأن يكون عندنا إرادة.
البلاد الكبيرة تتغير وهى تتحرك. لكننا نريد أن نتغير ونحن نقف، ونرجع للخلف. نعلق آمالنا على شخص قادم من صندوق الانتخابات.. ولا نعلق آمالنا فى العمل لإنقاذ بلد ينهار بسرعة مذهلة. اقتصاديا وأدبيا ومعنويا. ماضينا ينهار بين حاضر لا نفهمه ومستقبل لا نراه!
الحالة النفسية للمصريين- وأنا منهم- ليست على مايرام. كيف نكون أفضل والأرض تحت أقدامنا طرية هشة مسحوبة. بشكل أو بآخر: كلنا هذا المواطن العاجز على أن يفهم، وأن يتوقع وأن يحسب حساب ما يأتى به الغد. وهذا قمة المأساة: أن تكون عاجزا عن رؤية يديك!
تابعت أغلب ما قدمه مرشحو الرئاسة فى الحوارات التليفزيونية. ولم أجد النقطة الأهم: كيف نعيد العلاقة بين الناس وبعضهم البعض. كيف نفتح صفحة جديدة بين المواطن والمواطن. لم يطرح مرشح فكرة التصالح العام. لم يفكر أحدهم فى أن أول خطواته أن يعيد أيدى الناس بعضها لبعض.
الشعب الآن ممزق. بين رأى ورأى. فكرة وأخرى. لم يعد الأمر «تقسيم قديم»: ثوار وفلول. أو حزب الشارع وحزب الكنبة. تدخلت قوة هائلة مع غباء شديد، مع استسهال كبير، مع إعلام يقف فى منطقة بين المصالح الشخصية والتعتيم.. فصنعت من الوطن قنبلة تنفجر كل لحظة.
الأعصاب منفلتة تماما، والضحك نفسه أصفر شاحب. والحوار مكرر سمعناه بدل المرة ألف مرة. ولا يوجد فى الساحة جملة مفيدة. الأمور تؤخذ بخفة فى غير موضعها. والنهايات السعيدة تبتعد كلما تصورنا أنها على مرمى أيام قليلة.
ليست نبوءة: مايو شهر صعب للغاية. وسوف يشهد تقلبات عنيفة ومفاجآت كثيرة. وأتمنى أن نملك القدرة على أن نعبر هذا الشهر بكل ماهو قادم به.. وربما أطلب المستحيل لو طلبت أن نبدأ معا فى الاقتراب من بعضنا أكثر. أن نتغلب على كل فساد طال علاقاتنا. نثبت أن المصرى يمكن أن يصنع معجزة فى زمن لا معجزات فيه، ويفاجئ العالم أنه يتحضّر.. لا يحتضر!
البحث عن صوت انتخابى جعل الجميع يصمت عن أن يقول الحقيقة.. يتكلم الجميع كلاما يشبه الكلام.. يؤدى فى النهاية إلى مشهد غير مفهوم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة