لم يعد متبقيا لنا بعد أن أصبحت نقابتنا مطية للإخوان المسلمين على يد السيد النقيب ممدوح الولى إلا أن نرى ذات يوم إعلان فى الجرائد يقول: للبيع لأعلى سعر وبالمظاريف المغلقة نقابة ذات تاريخ تطل على البلد ووسطها، ينتسب إليها ثمانية آلاف صحفى، تقود الرأى العام، فرصة جادة لمحبى النضال ولاقتناء الأماكن التاريخية، بها سلم كان منبرا لكل الحركات الاحتجاجية المصرية قبيل الثورة، وفرصة أيضا للفلول ومن ناصرهم، اقتنى أهم سلاح كاد يفتك بحبيبك، شرط أن تكون من حملة ختم السمع والطاعة الإخوانى, والمدنيون يمتنعون، للاستعلام مكتب المهندس ممدوح الولى للتسهيلات العقارية والسمسرة.
لم يعد متبقيا لنا إلا أن نتحسر على أيام كانت فيها نقابتنا بيتا للاستقلال مستقبلة كل الأطياف، ومائدة تحتضن الجميع، وملاذا وقبلة لحرية الرأى والدفاع عنه ومنبرا للحرية السمحة الشجاعة النافذة الطاهرة، وكنت أحسب أن أول من سينتفض ضد هيمنة الإخوان على اللجنة التأسيسية للدستور هى نقابة الصحفيين، كونها النقابة الأولى المعنية بحرية الرأى والتعبير التى تنتوى جماعة الإخوان المسلمين أن تغتالها، لكن ها هو الأستاذ ممدوح الولى نقيب الصحفيين يبيع النقابة للإخوان ويدوس على أشرف قيم المهنة من أجل عيون سيادة المرشد.
الأغرب أن يجد الواحد من الزملاء من يقتنع بالضلالات التى يروجها أتباع «الولى» مبررين عدم انسحابه حتى كتابة هذه السطور من اللجنة التأسيسية للدستور، بأن لابد من وجود ممثل للصحفيين فى اللجنة ويجمعون التوقيعات تحت هذا الزعم، وهو تعمد لإيقاع الزملاء فى لبس وضلال، فلا أحد يختلف فى مبدأ وجود ممثل للصحفيين فى الجمعية التأسيسية للدستور، لكن الاعتراض الأساسى هو بقاء النقيب منفردا ودون رأى مجلس إدارة النقابة.
آن الأوان ليقف كل صحفيينا الشرفاء ضد هذا الاستبداد الجديد، وضد استخدام النقابة فى أهداف حزبية وسياسية بأمر النقيب وحده، فاليوم يناقش مجلس النقابة فكرة الانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور، وهو الأمر الذى لم يكن ليستحق كل هذه المماطلة وكان من المفترض أن تكون أكبر نقابات الرأى فى العالم العربى هى صاحبة المبادرة فى الانسحاب من هذه الجمعية الخربة، لكن سيادة النقيب فضل أن يخسف بنقابتنا أسفل سافلين تنفيذا لرغبة مرشد الإخوان، وهو محاولة جديدة لاختطاف النقابة تنتمى لآليات العصر البائد، وكل ما تغير هو استبدال الإخوان المسلمين بالحزب الوطنى، لا أكثر ولا أقل، ولست أعرف على من يستند هذا النقيب فى سعيه لإخضاع النقابة للجماعة، فهل يرضى زملاؤنا فى مؤسسة الأهرام العريقة وهم كانوا كتلته التصويتية الكبرى التى اعتمد عليها فى نجاحه بهذا الإخضاع المبتذل؟ أم ننسى أن سيادة النقيب رسب فى أول امتحان واجهه للدفاع عن كرامة الصحفى حينما سب مرشد الإخوان الإعلاميين والصحفيين وقال عنهم «سحرة فرعون» فدافع عن المرشد واعتبر سبابه «حرية رأى»؟