فى طرح الأمنيات هناك من يرى أن مساندة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لرئاسة الجمهورية ثم فوزه بها من شأنه أن يفكك الجماعة الصامدة منذ تأسيسها عام 1928، ويستند هؤلاء إلى أن الخلاف الذى حدث فيها حول مساندة القيادى السابق بين صفوفها هو مقدمة لتلك الأمنيات، ويحتاج هذا الطرح إلى مناقشة عميقة، حتى لا نهيئ الناس لفرضيات قد تؤدى إلى خيبة أمل كبيرة.
فى تاريخ الإخوان محطات تاريخية من الخلافات الداخلية التى حملت بعض قادتها المؤثرين خارج صفوفها دون أن تتأثر، وفى تاريخنا القريب هناك تجربة حزب الوسط بقيادة المهندس أبوالعلا ماضى، التى أطلت برأسها فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، ورغم أن الحديث عن «الوسط» بدأ باعتباره حزبا ينتمى للإخوان، فإن تطورات الأحداث خلعته من هذا الأمر، مما أدى إلى جعل الطرفين فى حالة عداء، خاصة بعد أن صمم ماضى ومن معه على المضى قدما فى مشروعهم السياسى، وخروجهم من صفوف الجماعة.
رفع البعض وقتها سقف الأحلام بالقول إن حزب الوسط هو الطبعة الإخوانية الأكثر حداثة، لأنه يجمع بين مفهوم متقدم للإسلام والارتباط بالأفكار المدنية التى لا تتصادم مع الإسلام، وارتفع هذا السقف إلى القول بأن «الوسط» من شأنه أن يكون مماثلا لتجربة أردوغان وحزبه فى تركيا، وتأسيسا على كل ذلك فإنه سيكون له زخم جماهيرى قد يؤثر بالسلب على الجماعة الأم التى لم تتحمل رؤى مختلفة من جيل جديد فيها مثل ماضى وعصام سلطان وآخرين.
ودارت الأيام ليشق حزب الوسط تجربته السياسية، لكن الجماعة بقيت على قوتها، وفى هذا السجل رأينا خروجا آخر أبرزه الدكتور محمد حبيب، والذى كان بحكم موقعه الرفيع كنائب للمرشد حدثا كبيرا، أدى إلى رفع درجة الاجتهادات التى تحدثت أيضا عن مصير الجماعة، كما كان هناك نزيف آخر من الخروج مثل الدكتور إبراهيم الزعفرانى، ومع كل ذلك بقيت الجماعة، وهو ما يدلل على أن الخروج الفردى لم يؤثر، وعليه فإن القول بأن خروج أبوالفتوح من شأنه أن يفعل ما عجز عنه الآخرون، يحمل قدرا كبيرا من المبالغة والتسرع فى الاجتهاد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة