هل فعلا الأغلبية البرلمانية جادة فى الضغط لإقالة الحكومة؟ وهل الحكومة جادة، وهى تعلن قدرتها على مواجهة المشكلات؟ المؤكد أن المصريين يدفعون ثمن الأطماع والمغامرات السياسية لكل أطراف السلطة.
الأغلبية البرلمانية أعلنت أنها تصر وتعلن وتقسم أنها لن تلعب «برلمان» من اليوم، حتى ترحل حكومة الجنزورى. وهو تحرك يبدو فى مواجهة المجلس العسكرى، الذى يتمسك بحكومة تراها الأغلبية البرلمانية فاشلة وعاجزة، وتتعمد إحراجها. وللمرة الأولى توقف السلطة التشريعية عملها التشريعى والرقابى اعتراضاً على الحكومة.
فى المقابل فإن حكومة الدكتور كمال الجنزورى أثبتت فشلاً ذريعاً فى مواجهة كل الأزمات.. البسيط منها والكبير، وكلما خرجت الحكومة من «نقرة» دخلت فى «دحديرة». فلم تنجح فى حل أزمات العيش والنظافة والعلاج، ولا استطاعت أن تتعامل بمسؤولية مع أزمة الجيزاوى فى السعودية، وتركتها حتى تحولت إلى أزمة سياسية ودبلوماسية. وكان الأجدر أن تتم إقالة وزير الخارجية العاجز حتى الآن عن التصرف بدبلوماسية، أو إدارة ملفات السياسة الخارجية. ولو كان لدى الحكومة أى شعور بالمسؤولية لأجرت تغييراً لوزراء فاشلين.
هذا عن الحكومة.. فماذا عن مجلس الشعب؟. المجلس عجز هو الآخر عن تقديم أى نوع من التحرك تجاه القضايا البسيطة أو المعقدة، وآخرها الأزمة مع السعودية على خلفية قضية الجيزاوى، ثم إنه لم يقدم تشريعات أو اقتراحات لمواجهة الأزمات، ولا توصيات واضحة للحكومة. ثم إن مجلس الشعب الذى يعلق جلساته، ويتهم الحكومة بالفشل، عاجز هو الآخر عن حل أزمة الجمعية التأسيسية، وتنفيذ الحكم القضائى ببطلانها.. بما قد يشير إلى أن تعليق جلسات مجلس الشعب، من قبل الكتاتنى والأغلبية، هو محاولة لالتقاط الأنفاس والتسويف فى حل أزمة الجمعية التأسيسية. التى تحولت هى الأخرى لكرة، يتبادلها الإخوان مع المجلس العسكرى. خاصة أن الجماعة لديها مرشح على مقعد الرئيس، لايحظى حتى الآن بفرص كبيرة، غير فرص السمع والطاعة. وتسعى الجماعة لإنقاذ صورتها التى تراجعت بسبب أداء سياسى هزيل، انتهى إلى غضب شعبى وشعور بالخذلان.
النتيجة أن الحكومة والبرلمان كليهما شركاء فى الفشل والعجز، يلقى المسؤولية عن كاهله، ويعلقها على أقرب شماعة. بما قد يشير إلى لعبة متفق عليها لجذب الأنظار، عن ترتيبات تتم خلف الكواليس.
وأحيانا يبدو الخلاف بين الأغلبية البرلمانية وبين المجلس العسكرى، كل يخلو من الواقع، وأن مايدور من صراع على السطح، محاولة لصرف الأنظار بالفرجة على معركة وهمية، ترتيبا لخطوات أخرى متفق عليها. فالحسابات السياسية معقدة والسرى أكثر من العلنى.
وهذه المعركة التى تدور ليست من أجل الفرجة، سلطة تشريعية عاملة نفسها مقموصة، وحكومة عاملة نفسها بتشتغل، وشعب تائه بين ألاعيب تعود كل يوم لنقطة الصفر. برلمان مقموص، وحكومة تلعب دور الحكومة.