هناك مظالم تحدث للمصريين بالخارج ومنها دول الخليج، بعض هذه المظالم من سكان هذه البلاد أو أصحاب العمل فيها ولكنها لم تكن أبدا سياسة أى دولة من هذه الدول، وفى نفس الوقت هناك أخطاء وتجاوزات جنائية أو إدارية قانونية تحدث من بعض العاملين المصريين بالخارج. فالمصرى فى الخارج ليس شيطانا ولكنه ليس ملاكا ً أيضا ومصر هى من أقل الدول رعاية لأبنائها فى الخارج واهتماما بمصالحهم والقنصليات المصرية بالخارج كان يتم تعيين موظفيها عادة بالتوريث تارة أو بالكوسة أخرى.
إن تمزيق علاقات مصر والسعودية الاستراتيجية من أجل قضية شخصية يمكن حلها، وأمثالها بالطرق الدبلوماسية أو القانونية يدل على ضيق الأفق ويضيع على مصر، الدولة والشعب، أكبر المصالح الاستراتيجية. فالعلاقات المصرية السعودية علاقات استراتيجية بين أكبر دولتين تمثلان الإسلام السنى فى العالم العربى، وكان الملك فيصل رحمه الله يقول للمصريين «نزل القرآن عندنا وقرئ فى مصر وطبع فى تركيا»، وكأنه يشير إلى هذه القوى الإقليمية السنية العظمى فى المنطقة والتى لو توحدت وتكاملت سيكون للمسلمين والعرب الكلمة العليا على الأقل فى منطقة الشرق الأوسط. وقد كان الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية يقول دائما «إذا سقطت مصر سقط العرب» واليوم العلاقات المصرية السعودية دخلت النفق المظلم دونما سبب أو مبرر حقيقى.
أما موضوع الجيزاوى المحامى فقد كان مجرد ذريعة لتدمير هذه العلاقات الاستراتيجية، فالسعودية كدولة أكبر من أن تدس للرجل الحبوب المخدرة من أجل القبض عليه ولماذا هو بالذات دون غيره؟ ولماذا اعترف للقنصل المصرى بجدة فى جلسة خاصة بحيازته وأنها مرسلة معه إلى آخرين؟ وهل هذا هو السبب الحقيقى للتظاهر أمام سفارة السعودية وإطلاق سيل من الشتائم البذيئة تجاه حكامها؟ وهل يليق رفع الأحذية والتلويح بها بأخلاق الشعب المصرى؟ وهل العلاقات الخارجية والاستراتيجية لمصر سيحددها قلة من المتظاهرين لا يجاوزون الألف؟ أم إن مثل هذه العلاقات تحددها وزارة الخارجية والدولة المصرية؟ وهل كل عدة مئات من الشعب المصرى يمزقون علاقات بمصر لهذه الدولة أو تلك لتتحول مصر إلى دولة منبوذة ممزقة العلاقات رغم أن مصالح مصر الاستراتيجية تستلزم تقوية علاقاتها بكل الدول، فضلا عن الدول المحورية، ألا نحذر أن يؤدى تكرار حصار السفارات وشتم السفراء ودولهم وحكامهم إلى حرب مدمرة بعد حين؟ أو يتحول ذلك فى وقت من الأوقات إلى حصار اقتصادى وسياسى لمصر؟ وماذا لو تدهورت العلاقات المصرية السعودية ليعود جميع المصريين من أعمالهم هناك، وماذا لو رد السعوديون هذه الإساءات للمصريين العاملين هناك.
إن ما حدث أمام السفارة يشم فيه الكثيرون رائحة التدبير والتخطيط واستغلال هذه الحادثة لتدمير هذه العلاقة الوثيقة بين البلدين.. إننى أناشد العقلاء والحكماء من أبناء الشعبين المصرى والسعودى السعى فى إطفاء النار التى اشتعلت بين الشقيقتين قبل أن تزيد الهوة ويتسع الخرق على الراتق وساعتها سنندم جميعا. كما أناشد الحكومة السعودية أن تتفهم الظروف العصيبة والتدهور الأمنى الذى تعيش فيه مصر، فلا تصعد من الخصومة فكلا الدولتين لا تستغنى إحداهما عن الأخرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة