سيبدو الأمر جنونيا وغير واقعى إلى حد كبير حينما أخبرك أننى أتمنى وضع نقطة كبيرة، والبحث عن سطر جديد.
سطر جديد وبداية جديدة للمرحلة الانتقالية التى أدت واجبها خلال 16 شهرا ماضية، وكشفت لنا خطايانا وكوارثنا وعيوبنا، وفرزت لنا الخبيث من الطيب، صحيح أن عبث المرحلة الانتقالية وفوضاها كان مؤذياً وجارحاً للثورة ومؤشرا غير جيد على مدى نضوج القوى السياسية والأغلبية المصرية السائرة فى الشوارع، ولكنها كما قلت كانت «غربالا» نجح فى فرز الشخصيات والمواقف والأفكار.
السطر الجديد التى أدعوك لنبدأ كتابته لا يعنى أبدا العودة إلى المربع صفر، ولكنه مجرد بحث أو طرح لفكرة تنقذنا من الجدل الدائر حول انتخابات الرئاسة ومرشحيها.. القلق من وضع انتخابات الرئاسة ومرشحيها هو سيد الموقف الآن، ربما بسبب الفوضى القانونية الدائرة حول مصير انتخابات الرئاسة، وربما لأن الناخبين يعيشون فى منطقة عدم الارتياح لأداء المرشحين رغم وصول أغلبهم لقرار تأييد مرشح بعينه، وربما لأن أعداد «المذبذبين» انتخابياً تتفوق على هؤلاء الذين أعلنوا دعمهم لمرشح بعينه.
الشارع غير مرتاح وتلك حقيقة، وأغلب من أعلنوا تأييدهم لمرشح معين، أعلنوا ذلك بناء على منطق دينى، أو تحت وصاية جماعة أو تيار معين، أو عندا فى مرشح بعينه، ولذلك ستجد أن الكلام حول البرامج وخطط وضمانات تنفيذها والقدرات الشخصية للمرشحين تأتى فى المرتبة الأخيرة من أى نقاش دائر حول انتخابات الرئاسة.
لم أكن أتخيل فى لحظة أن الشيخ حافظ سلامة هذا المناضل المصرى المخلص الذى اعتدنا منه مؤخراً مناصرة التيارين الدينى أو الثورى سواء كانا ظالمين أو مظلومين، يخرج عن هذا المدار ويطرح فكرة البداية الجديدة.
تجرد الشيخ المناضل من كل انتماءاته ولم يتعامل مع انتخابات الرئاسة بمنطق المعركة التى يجب أن يفوز بها تيار سياسى معين، وأعلن بكل شجاعة ما يخشى الكثيرون إعلانه، أعلن عدم اقتناعه بالمرشحين وعدم امتلاكهم مؤهلات كافية لقيادة الوطن فى ظل برامجهم المتشابهة والمرتبكة، وضعفهم فى توحيد الصف الوطنى، ورفض أهل الثورة منهم التحالف والتكاتف فى فريق رئاسى واحد.
أفرج الشيخ حافظ عن الوجع الذى بداخله تجاه المرشحين الذين رفضوا التجرد والتكاتف من أجل مصلحة الثورة، وطالب ببداية جديدة يقودها فريق رئاسى أكثر حكمة وأكثر قدرة على إنكار الذات من هؤلاء الذين فضل كل منهم العمل منفرداً، ولم يخجل أحد منهم من بدء السباق الرئاسى بالتجريح فى الآخر ومعايرة المنافس بأمراضه، وكل ما تجود به جلسات النميمة أو ملفات الزمن القديم.
اختلف أو اتفق مع الشيخ حافظ، وارفض تماماً ما أقوله، ولكن لا تنفِ أنه يعبر عن حال عدد كبير من أهل مصر الحائرين بين المرشحين وسقطاتهم الأخلاقية والسياسية، وبين الأنصار والتيارات التى تسعى لنصرة مرشحها بعملية تأليه وتعظيم وتفخيم مبكرة لكل كلمة أو تصريح يقوله حتى ولو كان خطأ.
فكر جيداً فى أفعال وأقوال وطرق الدعاية والدفاع التى يستخدمها أنصار كل مرشح لمواجهة المرشح المنافس وستكتشف أننا أمام عملية جديدة لصناعة «إله» حاكم فرد لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه.. تابع أداء المرشحين وأنصارهم وستدرك ذلك بسهولة، ووقتها ستعرف أننا نذهب بهدوء نحو نفس الفخ الذى سقطنا فيه، ولم نخرج منذ حوالى 60 عاماً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة