وائل السمرى

معنى إسقاط النظام

الأحد، 13 مايو 2012 04:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تقم الثورة لإعادة ترتيب الكراسى وإعادة إنتاج الأسياد مرة أخرى، ومن ثم إعادة الأمور إلى نصابها، ولم تقم ثورة فى العالم ليتم تغيير بعض الميكياج لدولة عانت من الترهل والتشرذم والإفساد الرأسمالى الممنهج ليتم إجراء تعديل شكلى على نظامها الاقتصادى دون أن يكون للدولة دور فى المراقبة والمحاسبة والانحياز للمواطن البسيط والدفاع عنه، وعندما هتف الشعب المصرى بأغلبيته «العشب يريد إسقاط النظام» كان المقصود هو إسقاط نظام الحكم العسكرى المستبد وما اتبعه هذا النظام من سياسيات خارجية وداخلية واقتصادية أدت إلى إفقار الفقير وإثراء الثرى فاتسعت المسافة بين المواطنين، حتى أصبح الفقير على هامش الحياة يكاد لا يجد قوت يومه، وأصبح الغنى أيضا على هامش الحياة لا يعيش فى مصر إلا لماما.

يقول خبراء الاقتصاد إن معدلات التنمية فى مصر كانت مرتفعة أثناء حكم مبارك، ومع ذلك خرج الشارع المصرى بالملايين يهتف «عيش حرية عدالة اجتماعية» و«عيش حرية كرامة إنسانية» وذلك لأن هذه المعدلات المرتفعة لم تكن موجهة إلى المواطنين بقدر ما كانت موجهة إلى رجال أعمال النظام ومن تبعهم، كما أن كرامة المواطن ضاعت فى تفاصيل حفاظ رجال أعمال النظام على مكتسباتهم، فأهينت كرامة الإنسان فى المستشفى المتدهور والمدرسة الفقيرة وقسم البوليس المستبد والشارع القاسى والمواصلات اللاإنسانية والمسكن غير المناسب، والحرمان من الحلم بمستقبل يبدد كل هذا الظلم وينتصر للحالمين.

هكذا يصبح شعارا الثورة الأشهران «الشعب يريد إسقاط النظام» و«عيش حرية عدالة اجتماعية أو كرامة إنسانية» مكملَين لبعضهما ومؤسسَين للدولة الجديدة، عبر إسقاط النظام الرأسمالى المتعفن الذى أجبرنا مبارك على السير فيه، تاركنا لقمة سائغة فى أفواه ديناصورات الحكم ورجال أعماله، وتأسيس نظام اشتراكى اجتماعى بمفهوم جديد يحافظ على الكرامة الإنسانية ويقيم العدل فى توزيع الثروة ويحتضن الحرية كخيار وحيد، ويحافظ على مكتسباتنا ويؤسس لوجودنا، على أساس أن من لا يملك قوت يومه لا يملك حريته.

من المؤسف أن أغلبية مرشحى الرئاسة الحاليين لم يعوا هذا المفهوم، بما فيهم بعض مرشحى الثورة، حتى إنه فى المناظرة الشهيرة التى عقدت بين عمرو موسى وأبوالفتوح لم يقترب أى منها من سطوة رجال الأعمال وهيمنتهم على اقتصاد مصر وتحكمهم فيه، وحينما ضرب أبوالفتوح مثلا لإهدار ميزانية الدولة تذكر مكافآت المستشارين التى تصل إلى ثمانية عشر مليارا، ولم يتذكر أن مصر تدعم رجال الأعمال بخمسين مليار جنيه مقدمة إليهم بوصفها دعما للطاقة بالإضافة إلى 25 مليار جنيه تقدم إليهم دعما للصادرات، وهذا يرجع إلى انتماء هؤلاء المرشحين بالأساس لما يسمى باقتصاد السوق، ومن اللافت هنا أن نتذكر أن أحد آباء الثورة وهو الدكتور الفاضل محمد البرادعى كان يعى هذا جيدا، وفى حديثه مع يسرى فودة وريم ماجد الذى أعلن فيه عن نيته الترشح للرئاسة أسس لفكرة الديمقراطية الاشتراكية التى تعلى من دور الدولة وتنحاز إلى مواطنيها البسطاء، وتدافع عن حقوق العمال وتحارب الاحتكار معتبرا أن الرأسمالية تهمش جزءا كبيرا من الشعب، ملخصا سياسته فى كلمتين قائلا: إذا عبرت عن نفسى فأنا ديمقراطى اشتراكى.

تكتمل الحرية ويصبح الحلم حقيقة إذا ما عادت مصر كبيرة فى محيطها الإقليمى، مستقلة فى قرارها عن القوى الإقليمية سواء كانت أمريكية أو إسرائيلية أو وهابية، ويكتمل الحلم أيضا إذا جلس على كرسى الرئاسة «واحد مننا»، ذاق مرارة الظلم، وأثبت للجميع صدق أفكاره وعمق انتمائه.

سأنتخب حمدين صباحى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة