يبدو أن الثورة لم تصل للتعليم فى مصر، وأن حسنى مبارك لم يخرب فقط الاقتصاد والسياسة بل تعمد تخريب منظومة التعليم ومنظومة القيم التربوية وبالتالى تخريب الإنسان المصرى عبر فساد التعليم الذى أدى إلى ضياع وإهدار الطبقة المتوسطة رمانة ميزان المجتمع، وإذا كان التعليم مدرسا وطالبا ومنهجا، فإن هذا المثلث أيضاً تم تدميره عن عمد. المدرس غير مؤهل أساساً وليس لديه حصانة ضد الفساد والإفساد لذلك سمعنا عن مدرسين يتحرشون بالتلميذات وينصبون ويحاربون بعضهم بسبب الدروس الخصوصية، وكان منطقياً أن ينفق المصريون على الدروس الخصوصية حوالى 20 مليار جنيه سنوياً، إذاً أفرزت خرابة التعليم المدرس الفاسد، ولذلك كان لابد أن يقابله المدرس المتطرف نعم، فهو المعادل الموضوعى للمدرس المنحل والمتحرش والجاهل والذى لا يعى رسالته كمعلم ومربّ، ولم ينل من الثقافة الإنسانية والعلمية والآداب والفنون ما يؤهله ليتخرج على يديه أجيال، إنه نوع خطير جداً ينظر للدين على أنه مجرد جلباب وزبيبة وشكل، رغم أن الإسلام معاملات وبناء وثقافة ووعى وحياة، وأول كلمة نزلت فى الإسلام «اقرأ» لكن هذا المدرس لم يقرأ لأنه وضع امتحان أولى ثانوى فى إدارة شمال القاهرة التعليمية وصاغه بصورة لابد أن يحاكم عليها فوراً، يقول السؤال الذى حصلت عليه سارة علام ونشرته بـ«اليوم السابع» الخميس الماضى يقول فى موضوع التعبير «لقد أصبح الشعب المصرى منذ الثورة واعياً لكل ما يدبر له، ويحاط به من جميع الوسائل المحاربة له، سواء كانت حكومة أو أحزاباً ليبرالية وعلمانية أو إعلاماً فاسداً أو جهات أجنبية منتشرة على الفيس بوك، وسيقف لها الشعب بالمرصاد ويحاربها بسلاح الإيمان والعزيمة.. اكتب عن هذا الموضوع». اقرأ السؤال مرة ثانية وتأكد من صياغته لتوقن أن هذا المدرس وضع الحكومة والأحزاب الليبرالية والعلمانية فى سلة واحدة مع الجهات الأجنبية المنتشرة على الفيس بوك من أعداء المصريين، وفى المقابل سلاح الإيمان والعزيمة، إذاً العلمانية والليبرالية مقابل الإيمان، من قال لك، أيها الجهول، إن الليبرالية والعلمانية تعنى الكفر، وكيف تجاسرت لتسقى طلابا يتلقون العلم على يديك وهم بين دفتر عقلك أمانة، ومن أعطاك صك الحكم على الليبرالية بأنها مفسدة وكفر؟ ألا تعلم أن الإسلام دين ليبرالى يدعو لحرية العقيدة وأنه دين علمانى يدعو للعلم والأخذ بالأسباب وأن هناك علمانية إيمانية وأخرى إلحادية، ثم ما الذى جعلك تقحم أمور السياسة فى أسئلة سيحاسب عليها التلميذ، الخطأ هنا ليس خطأك بل خطأ وزارة التربية والتعليم التى تركت مدارس الحكومة يرعى فيها الجهل والتيارات الدينية المتطرفة، والنتيجة تخرج أجيال فارغة مستلبة ومستقطبة إما للتفاهة أو الانحلال أوالتعصب والتطرف، ولا ينجو من نار ذلك ورمضاء ذاك إلا من رحم ربك، يا وزير التربية والتعليم «الجديد» حاكم هذا المدرس وأمثاله لأنه لم يرتكب جريمة فى حق فرد، بل فى حق جيل يصدقه ويتلقى منه ما يشبه المسلمات، ارحموا مصر من أمثال هؤلاء الجهلة والمتطرفين..!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة