لا يمكن القول إننا تغيرنا، أو نريد نظاما جديدا، ومشاركة من المواطنين، بينما السياسيون والبرلمان والمرشحون يتصرفون مثلما كان مبارك يفعل.. يتاجرون بالقراء ويبتزونهم بالشعارات الكاذبة. ولايمكن الحديث عن حرية الاختيار، وأمامنا عدوان على إرادة الناخب فيما قبل صندوق الانتخابات.
كل المرشحين قدّموا برامج انتخابية تعد بحل كل الأزمات، ومواجهة الفقر، لكنها لا تحمل كيفية تنفيذ كل هذه الوعود، لكن بعض المرشحين لا يكتفون بالبرنامج، أو هم لا يصدقون ما يقولونه لأنهم يعلمون أنهم كاذبون، وبالتالى يلجأون إلى استخدام الشراء المباشر للأصوات، بالرشاوى والابتزاز. وإذا كان المرشح نفسه لايثق فى برنامجه الذى يطرحه على المواطنين، فكيف يطلب من الناخبين التصويت لبرنامجه؟
نحن أمام برامج مزدحمة بالوعود، هناك مرشحون يقدمون أنفسهم للفقراء فى صورة أكياس سكر وأرز، وبالتالى يضغطون على الفقراء بفقرهم، ويستغلون حاجتهم، ولا مانع من تقديم الطعام فى غير الأوقات الانتخابية، لكن تقديم هذه الرشاوى فى وقت الانتخابات رشوة القصد منها استغلال فقر الفقير، وحاجة المحتاج. ولا يمكن هنا الحديث عن نهضة أو تقدم، والمرشح يشترى أصوات الناخبين الفقراء. وفى الكثير من القرى والمناطق الفقيرة يتم تقديم الهدايا الانتخابية علنا، ويسقط أى برنامج، وأى حديث عن النهضة تحت أكياس الرشوة الانتخابية.
لقد تحدثنا عن أن المرشحين يلعبون على قلوب الناخبين، وليس عقولهم، لكن الصراع على معدة الناخب وفقره ومرضه لا يمكن أن يقود إلى انتقال وتغيير حقيقى للسلطة، إنما هو يعيد إنتاج نظام مبارك الذى يفرز المزيد من الفقر والتخلف، ولا يدعم النهضة أو التحدى وهو يشترى الأصوات بالمال.
لقد كان الحزب الوطنى يسرق الانتخابات، ويزيف الأصوات، ويستخدم الرشاوى، ويقدم للناس حقوقهم على أنها عطايا وهدايا، وكله من دمهم. وبما أن الأسلوب سائد فى الانتخابات الرئاسية، فهذا يعنى أن شيئا لم يتغير، بل إنه إعادة إنتاج لنظام أفسد السياسة والاقتصاد، وأنهى تكافؤ الفرص.
وطبيعى أن المرشح الذى يقدم الطعام، لا يعنيه أن يغيّر حياة الفقراء ليمتلكوا حرية الإرادة، والاختيار الحر، بل هو يحرص على إبقائهم فى خانة المحتاج، وتحت سيف الفقر، حتى يستمروا فى شراء صوتهم.
لقد رأينا فتاوى تدعم مرشحا باعتباره مرشح العناية الإلهية، وأن من لا ينتخب مرسى آثم، بينما لم يبذل أىّ منهم جهدا ليدافع عن قيم الإسلام، ويحرم ابتزاز الفقراء بفقرهم.
هؤلاء هم فقهاء السلطان الجدد الذين كان أمثالهم يبررون الفساد، ويدافعون عن الاستبداد، وهم مستعدون دوما لتلوين العقيدة لأى حاكم أو سلطة.
عودة إلى حديث الانتخابات والمرشحين الذين يرون أقصر طريق لقلب الناخب معدته وفقره، هؤلاء لايمكن الوثوق فى برامجهم، ولا خطاباتهم، فهم ليسوا مرشحى برامج، ولا يثقون فى برامجهم، لكنهم يلعبون بأى ورقة تقربهم من السلطة، هم مرشحون بالزيت والسكر، وإذا فازوا فسيكونون رؤساء بالسمنة.