نحن لا نختار رئيسا يظل معنا مدى الحياة، لكننا ننتخب من نراه الأفضل ليستمر معنا أربع سنوات أو ثمان، ولا ننتخب ملاكا، لكن بشر مثلنا يصيب ويخطئ، وربما ينجح أو يفشل، نحن مواطنون نحلم بدولة عادلة متقدمة يحتل فيها الناس مواقعهم طبقا لاجتهاداتهم ومواهبهم وعملهم، وليس لأنهم أبناء فلان أو علان. نحن لا ننتظر فرعون أو سوبرمان يصنع معجزات، ومثلما يخطئ الرئيس أو يصيب فنحن أيضا نخطئ ونصيب فى اختياراتنا. لماذا نقول كل هذا؟ نقول هذا ردا على من يرددون مقولة إنه لم يظهر بعد من يصلح لحكم مصر، وكأنما من كان يحكمها طوال 30 عاما كان من العماليق أو أصحاب الخطوة.
ونظن أن الذين يقولون إنه لا يوجد من يصلح لتولى الرئاسة فى مصر حاليا.. مازالوا يعانون أعراض مبارك، وحتى منهم من ثار عليه، لكنه يشك فى كل المتقدمين للترشيح، لقد كان مبارك يردد دائما أنه لم يجد من ينفع ليخلفه ويتحمل المسؤوليات الضخمة التى تتعلق بمصالح 80 مليون مواطن.. وكان يقول إن الرئاسة ليست منصبا هينا حتى يترشح له كل من هب ودب.. نفس الكلام يردده قطاع واسع، يشكك فى إمكانية تولى أى من المرشحين للرئاسة.
ربما لا يكون كل الناس يصلحون أو يحبون أن يصبحوا رؤساء، لكن مصر كانت دائما تجد من يحكمها، ودول العالم تواصل وجودها بالانتخاب، يأتى الرئيس ويذهب دون أن يختل ميزان الكون، الرئيس فى الدول الحديثة رقم مهم فى معادلة متسعة، ومؤسسات، واختصاصات واضحة للرئيس وأخرى للحكومة وثالثة للبرلمان، والقضاء يفصل بين الجميع.
لقد تحول منصب الرئيس عندنا إلى مشكلة لأن الرؤساء السابقين يقومون بكل ما هو ليس من اختصاصهم ولا يفعلون اختصاصاتهم، كان مبارك يرأس الحكومة والحزب الحاكم والبرلمان والشرطة والقضاء والخارجية والمجالس العليا، ويعدل الدستور ويلقى الخطابات ويسلم الجوائز ويفتتح الكبارى، وإذا وجد وقتا يمارس مهامه الدستورية.
لهذا فشل هو ونظامه، وسقطت المؤسسات وانتشر الفساد، وغاب العدل وسادت المحسوبية، وفقد الناس ثقتهم فى أنفسهم وفى الدولة.
وبالرغم من أن الثورة قامت ضد حكم الفرد وضد الفساد والظلم والفقر فما زلنا نرى كثيرين أسرى عقود من الجمود، زرعت شعورا بالعجز وانتزعت الثقة من النفوس، ونرى من ينتظر سوبرمان وليس بشرا، بينما من سوف يأتون بشر عاديون مثل الناخبين تماما، نحن لانحتاج لعماليق وإنما لرئيس، الحل أن يكون هناك برلمان حقيقى، وسلطة تنفيذية حقيقية، وقضاء حقيقى، ساعتها سيكون الحكم ميسورا ومعقولا، ويكون لدينا رئيس حالى، ورؤساء سابقون، الأزمة ليست فى أن يصدق الرئيس أنه فرعون، لكن أن يصدق الناس الكذبة..
نحن بشر ننتخب بشرا ليحكموا بشرا.. فلماذا نطالب بفرعون؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة