لم أكن أتخيل أن الأمر حقيقى، وتخيلت أن هذا الشاب يريد الشهرة فافترى على الإخوان بما ليس فيهم، وظننت أن الأمر به تهويل ما أو تضخيم ما أو انتقام ما، لكن للأسف زالت توجساتى وظنونى وتخيلاتى بعد دقائق معدودات، وما إن شاهدت الفيديو حتى تبين لى أن ما يدعيه هذا الشاب صحيح، وأن المصيبة حقيقية، ومع توالى مشاهد الفيديو بدأ جسدى فى الانتفاض، وانتابتنى حالة شديدة من الاشمئزاز والانقباض، ثم بدأت الصرخات تعلو وبدأ الضرب فى التوالى، وكأنى أسمع صوت عماد الكبير مرة أخرى، يشير بوضوح إلى أن دولة انتهاك حقوق الإنسان لم تزل حاضرة وموجودة حتى وإن تبدلت الوجوه.
الحكاية كما يرويها الشاب أسامة كمال محمد أحمد المحامى هى باختصار أنه ذهب إلى ميدان التحرير فجر اليوم الثانى لموقعة الجمل للاشتراك فى الثورة، ولحظه الأسود لم يكن يحمل أى مستندات أو أوراق تثبت شخصيته، وحسبما روى لـ«اليوم السابع» عدد أمس الخميس فوجئ بمجموعة من الأشخاص اعتدوا عليه وقطعوا ملابسه وأصابوه فى رأسه، واصطحبوه إلى مكتب سفريات بالتحرير مع مجموعة من الشباب واتهمه البعض بأنه ضابط أمن دولة، فعذبوه «حسبما يروى» بالصعق بالكهرباء ووضع الكهرباء فى أماكن حساسة بجسده «موضع الذكورة» وتكبيل يديه من الخلف بوضع «أفيز» بلاستيك وربط اليدين ببعضها البعض، مؤكداً أنه كلما كان يفيق من الإغماء من أثر الضرب كان يتم ضربه مرة أخرى حتى يغيب عن الوعى، وأثناء ذلك لمح شخصا بنظارة هو الدكتور حازم فاروق عضو مجلس الشعب ونقيب أطباء الأسنان، يقول إنه ضابط أمن دولة ثم قال: «الناس دى متعتها إنك تفضل كده لحد ما تنطق، أبعدوا عنى الكاميرات وأنا هخليه ينطق»، وقام بالقفز على ونزل بكل قوته بركبتيه على صدرى ويقوم بتعذيبى بالصعق بالكهرباء فى موقع الذكورة وأماكن حساسة فى جسدى فضربوه وصعقوه بالكهرباء مرة أخرى، ثم كتبوا على بطنه عبارات مهينة «ضابط أمن دولة كلب النظام».
يتهم المحامى «أسامة كمال» عدة قيادات إخوانية بالاشتراك فى تعذيبه، منهم الدكتور حازم فاروق منصور والدكتور محمد البلتاجى وصفوت حجازى ومحسن راضى، عضو مجلس شعب وشخص يدعى أبو غزالة إلى جانب صاحب شركة سفير للسياحة، لكن الفيديو الذى رأيته لا يظهر فيه بوضوح إلا «فاروق» و«حجازى» وإنى أتعجب كيف يسمح هذان الرجلان اللذان يعدان من أبرز قيادات الجماعة لنفسيهما بأن يقوما بدور الجلاد بمثل هذه الجدارة، وكيف تجرد الطبيب من مشاعره لينساق وراء تهور الشباب ويعذب بيديه شاباً بريئاً مثل أسامة كمال، والتعجب يكون أشد فى حالة الشيخ صفوت حجازى الذى أقر بحسب كلام أسامة بتعذيبه، هابطاً بصورة الداعية إلى أسفل سافلين، فللجسد البشرى حرمة وقداسة لا يجب المساس بها حتى لو كان أسامة ضابط أمن دولة أو مجرما مدانا بحكم محكمة.
وبرغم أن الواقعة والإعلان عنها الآن يحمل الكثير من الأسئلة على شاكلة: لماذا سكت أسامة كل هذا الوقت حتى يعلن عنها؟ ولماذا ذهب إلى الميدان وهو لا يحمل إثبات شخصية؟ لكنى أعتقد أن السكوت عليها تواطؤ وخيانة لأهم أهداف الثورة، فقد كان شعار «عيش حرية كرامة إنسانية» من أهم الشعارات المؤسسة للثورة، فإن لم يتم التحقيق بأعلى مستويات الشفافية والنزاهة فى هذا الأمر ومعاقبة من تثبت إدانتهم أياً كانت أسماؤهم، فلا ثورة ولا كرامة ولا إنسانية، بل لا دولة من الأساس.
موضوعات متعلقة :
بالفيديو.. شاب يزعم أنه "إخوانى تائب" يتهم البلتاجى وحازم فاروق منصور بالإشراف على عملية تعذيبه فى التحرير.. وشباب الإخوان اتهموه بأنه يعمل برتبة "رائد" فى جهاز أمن الدولة
بالفيديو.. شاب يزعم أنه"إخوانى تائب" يتهم "الجماعة"بتعذيبه بالتحرير
"الإخوان" تنفى مشاركتها فى عمليات التعذيب بـ"التحرير".. أبو بركة: فيديو المحامى الشاب "مفبرك" ونحن أول من منعنا الاعتداء على ضباط أمن الدولة بالميدان.. عبد المقصود: هناك حملة تستهدف الجماعة و"مرسى"
"محامين الغربية": صاحب فيديو "تعذيب الإخوان" عضو بالنقابة
"محامى تعذيب الإخوان " : تعرضت للتعذيب بالكهرباء فى أماكن حساسة والضرب والإهانات لأعتقادهم أنى "ضابط أمن دولة" .. و"حازم منصور "و"محمد البلتاجى "صعقانى بالكهرباء و داس على وجهى بالحذاء
النائب العام يأمر بالتحقيق فى تعذيب محام على يد قيادات بالإخوان
النائب العام يحيل واقعة تعذيب محام على يد قيادات من الإخوان لنيابة وسط القاهرة.. واستدعاء المجنى عليه الأسبوع القادم لسماع أقواله.. وردود أفعال واسعة بين المحامين.. و"حريات المحامين" تناقش الواقعة
وكيل "المحامين": المحامى المعذَب بـ"التحرير" مدفوع من الفلول
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة