ما توقعته قبل عدة شهور وبعد انتخابات مجلس الشعب يتحقق بعضه الآن.
توقعت أن يتطور الأداء السياسى للسلفيين بعد عزلة اجتماعية وسياسية طويلة لم يشاركوا خلالها فى أى نشاط سياسى أو اجتماعى واكتفوا فقط بالدعوة سواء برغبة جماعية وفقدان الخبرة التراكمية أو تحت ضغوط أمنية. وهذا ما حدث فى الشهور القليلة الماضية فى الكثير من المواقف داخل البرلمان وخارجه، وهو ما يعنى أن السلفيين قرروا ألا يكونوا الفرع التابع للأصل فى «العائلة الإسلامية» أو تيار الإسلام السياسى الذى تقوده جماعة الإخوان المسلمين صاحبة الخبرة فى العمل السياسى منذ نحو 80 عاما، فبدوا كأنهم يسار الجماعة وحزبها سواء من الموقف من الحكومة والصدام مع المجلس العسكرى أو من اختيار المرشح الرئاسى.
ورغم بعض التحفظات على سلوك وأداء بعض نواب السلفيين فى طرح ومناقشة بعض القضايا الهامشية داخل المجلس تثير مخاوف مجتمعية خاصة فى قضايا المرأة والحريات العامة، لكن المواقف السياسية المتميزة تستحق التوقف عندها ومتابعتها، وفى ظنى أن التيار السلفى من الممكن لو استمر بهذا الأداء مع توضيح الموقف من قضايا الحريات والدولة الديمقراطية وتطمين القوى المدنية يمكنه أن يحقق وضعا متميزا فى الخريطة السياسية فى مصر فى السنوات المقبلة.
السلفيون فى عملية اختيار مرشح الرئاسة وإعلان دعمهم لأبوالفتوح من خلال الدعوة السلفية، أكدوا على استقلال القرار بعيدا عن «العائلة»، سواء كان ذلك من منطلق الغيرة المبررة فى العمل السياسى أو من منطلق تطور فكرى يدل على أنهم أصبحوا أكثر واقعية وبراجماتية، رغم التشبث بمسألة الفرز على الهوية الدينية وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر من التيار السلفى، فاختيار دعم أبوالفتوح جاء بعيدا عن الإخوان وعن الأيدلوجية التى قد تجمع بين الطرفين، لأنه من الطبيعى أن يدعم السلفيون أكثر المرشحين المحافظين للرئاسة وهو محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين.
موقف التيار السلفى من الصراع بين الإخوان والحكومة ومن اختيار مرشح الرئاسة رغم اختلافنا مع مسألة الفرز الدينى، يستحق الإشادة على طريقة إخراجه.
كل ما نتمناه أن يتطور الخطاب السلفى فى المرحلة المقبلة على أرضية التوافق على القضايا المشتركة مع باقى التيارات السياسية المدنية مثل قضايا حرية الرأى والتعبير والإبداع والدولة الديمقراطية.