مازلنا فى حالة من فقدان الوزن السياسى والتنفيذى.. حركة فى المكان، وشلل سياسى واضح يدفع ثمنه المواطن من وقته وجهده، بعد أن تصور أنه بانتخاب مجلس الشعب تبدأ مرحلة جديدة نحو الاستقرار، فإذا به أمام حالة من الصراع والجدل غير المفهومة.
مجلس الشعب توقف عن عقد جلساته اعتراضا على استمرار الحكومة، ودخل فى جدل حول تفسير مواد الإعلان الدستورى، وإذا ما كان من حقه سحب الثقة من الحكومة أم لا.. بينما الحكومة تواصل فشلها بنجاح كبير، ويتمسك المجلس العسكرى بالإعلان الدستورى الذى يمنحه صلاحيات رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس.
وقف جلسات مجلس الشعب عطل جلسات الاستماع لتشكيل التأسيسية، أى أن البرلمان يشارك فى تعطيل عملية تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بما يشير إلى احتمالات تأخر كتابة الدستور.. المجلس العسكرى اجتمع مع الأحزاب واتفقوا على معايير لتشكيل الجمعية، لكن الأغلبية البرلمانية من الإخوان اعترضت على نتائج اجتماع شاركوا هم أنفسهم فيه، بما يشير إلى أن الأغلبية قررت وقف جلسات البرلمان لتعطيل تشكيل الجمعية التأسيسية، والمجلس العسكرى من الصعب عليه فى ظل هذه الظروف المرتبكة أن يتخذ قرارات بشأن الجمعية التأسيسية.
ومع الاعتراف بفشل الحكومة وتعثراتها، فإنها فى النهاية حكومة تسيير أعمال، لا يفترض أن تتفرغ الأغلبية لمواجهتها تاركة كل ما يهم المواطنين.. ومن الواضح أن الأغلبية تدير الصراعات على الرئاسة وحول الجمعية التأسيسية، والحكومة هنا حجة أو شماعة تعلق عليها الأغلبية التأخير.
والنتيجة أننا أمام برلمان مغلق، وأغلبية «مقموصة»، وحكومة مرتعشة ومرتبكة، ولجنة تأسيسية ودستور فى علم الغيب، وثمن هذا العناد والصراع يدفعه المواطن من أمنه ومن صحته ومن تعطيل مصالحه.
ابتعدت الأحداث عن حسابات الثورة التى قامت من أجل الحرية والعدالة والمساواة، وأن يكون المواطن شريكا فى تخطيط مستقبله، وليس مجرد متفرج، يضمن لنفسه ولأبنائه الحد الإنسانى فى العمل والأجر والعلاج والتعليم والشارع والأمن، وتوازن الدخل والخدمات هى مبادئ لا يختلف عليها المواطنون الذين حلموا بوطن يحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، لكن هذه المطالب البسيطة تزداد تعقيداً وسط صراع الأغلبية والحكومة والمجلس العسكرى وهو ليس خلافاً فى الفروع أو فى الوسائل، لكن الصراع على السلطة والرغبة لدى كل طرف فى التكويش على القرار.
ويبدو أننا استبدلنا بالحزب الحاكم المتسلط متسلطين لا يهتمون بمطالب الشعب، بقدر ما يهتمون بمطالبهم فى السلطة، وكأننا استبدلنا وجوها بوجوه وأسماء بأسماء، وأشخاصا بأشخاص، ومازال الطريق إلى المستقبل مفروشا ببقايا التسلط المعشش فى نفوس السياسيين المحترفين الذين استبدلوا الملابس ولم يغيروا أطماعهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة