ماذا يعنى أن يحاول بعض المصلين الاعتداء على خطيب مسجد أثناء خطبة صلاة الجمعة دعا فيها المصلين إلى انتخاب أحد مرشحى تيار الإسلام السياسى لرئاسة الجمهورية؟
المعنى أن منابر المساجد تحولت على أيدى بعض الخطباء إلى منابر للدعاية الانتخابية والتأثير على الناس باسم الدين دون مراعاة لحرمة المساجد وهيبتها ومكانتها الشرعية واعتبارها بيوت الله فى الأرض، ولا يجوز جعلها مكانا للدعاية أو الخلافات الحزبية والسياسية، بل مكانا لدعوة الناس إلى العمل والتعاون ونشر قيم الإسلام الحضارية.
يوم الجمعة الماضى، وهو الجمعة الأخيرة قبل انتخابات رئاسة الجمهورية بأيام قليلة تجاهل بعض الخطباء الدور الحقيقى والرسالة السامية للمسجد والمنبر واتخذوا منها وسيلة للدعاية الانتخابية وانتخاب مرشح بعينه دون احترام رغبة وإرادة الناس وحقوقهم فى الاختيار الذى لا يتنافى مع مبادئ الإسلام أو جوهر الدين الصحيح، وتسبب ذلك فى غضب عدد من المصلين ومحاولاتهم الاعتداء على خطيب المسجد، مثلما حدث فى أحد المساجد بقرية دفرة التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية.
للأسف وزارة الأوقاف اكتفت فقط بإصدار تحذير لأئمة المساجد بالحفاظ على قدسية وهيبة بيوت الله فى الأرض والالتزام بآداب ريادة المساجد دون اتخاذ إجراءات رادعة لكل خطيب يخالف التعليمات وانتهاك حرمة المساجد حتى لا تتحول إلى منابر للمهاترات والخلافات السياسية.
الوزارة تعلم خطباء المساجد الذين استخدموا المنابر فى الفترة الأخيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية فى الدعاية لمرشح معين وترهيب الناس إذا انتخبوا مرشحا آخر لأن ذلك «يخالف شرع الله ومن يخالف شرع الله فإنه آثم قلبه»، ولكنها تغض الطرف عن ذلك وتصمت إزاء توظيف الشريعة والمتاجرة بالدين فى الدعاية الانتخابية وتوظيف المساجد سياسيا لخدمة مسائل معينة خارج نطاق الوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
بعض خطباء المساجد لا يبالون بهيبة المساجد ولا بدورها ولا برسالتها ومنهجها ويطلقون الفتاوى الجاهلة والشعارات الجوفاء لإرهاب الناس دون علم من انتخاب مرشح يخالف من وجهة نظرهم ما يعتقدونه صحيحا، وباستغلال مشاعر المسلمين وحالة التخبط والاحتقان التى نعيش فيها، وهو ما ينذر بفتنة تضيع معها هيبة المسجد وحرمته وقدسيته.