ليس عندى ذرة شك واحدة فى أن الرئيس المقبل لمصر ليس هو الرئيس الذى كنا نحلم به أثناء اندلاع الثورة ونجاحها فى طرد حسنى مبارك من عرين الرئاسة، فلا يوجد واحد من بين الثلاثة عشر مرشحاً يصلح للتعبير عن أشواق الملايين من فقراء مصر فى بناء مجتمع الحرية والعدل والجمال، ومع ذلك يصح القول إن هناك عدداً قليلاً جداً من المرشحين يستحقون الاحترام والتقدير، نظراً لمواقفهم المناوئة للنظام السابق لا أكثر ولا أقل، لكنهم يفتقرون إلى امتلاك مشروع سياسى لنهضة مصر. كما أن هناك آخرين يصيبونك بالتقزز والاشمئزاز لتبجحهم وإصرارهم على خوض المنافسة ومحاولاتهم المستميتة فى خطف الكرسى الأشهر والأهم، علماً بأنهم تعاونوا مع الرئيس المخلوع، وتولوا المناصب المرموقة فى عهده البائس، (أحد هؤلاء المرشحين أعلن فى تحد صارخ لمشاعر الملايين أن مبارك مثله الأعلى)!
على أية حال.. أياً كانت هوية الرئيس المقبل، فإن عليه أن يدرك تماماً، قبل أن تأخذه العزة بالإثم، أن الأغلبية اختارته ليكون رئيس مصر فقط، أى خادماً للشعب، وليس ربهم الأعلى، وأنه سينعم بمنصبه اللذيذ فترة محددة، فإذا أفلح وأصاب جدد له الشعب مرة أخرى لفترة ثانية ونهائية، أما إذا أخفق وتعثر فعليه الانصياع التام لرغبات الملايين فى إزاحته من منصبه.
إن الرئيس المقبل لمصر يجب أن يعى أننا نحن المصريين ما عدنا نخشى بطش الحاكم، وجبروت زبانيته، وبالتالى يجب أن يضع نصب عينيه أن احترام كرامة المواطن شرط ضرورى لاستمراره فى منصبه، وأن إعادة تأهيل ضباط الشرطة تحديداً ليعرفوا كيف يتعاملون مع البشر بإنسانية واجب قومى، وأن أى إنسان، حتى لو كان مجرماً، ينبغى احترام آدميته، فلا يتعرض للاعتداء الجسدى أو التعذيب النفسى، على أن يتولى القضاء أمره!
على الرئيس المقبل أن ينتبه جيداً إلى بؤس مستوى التعليم الذى وصلنا إليه طوال أربعة عقود عجاف، فيكدح فى ابتكار الحلول الناجعة لتطوير التعليم تطويراً جذرياً، كما يسعى إلى زيادة ميزانية البحث العلمى عسى أن نتمكن من ارتياد هذا الطريق الذى سبقتنا إليه أمم كثيرة كانت أقل منا شأنا قبل نصف قرن فقط.
المحاولات الجادة لإنصاف ملايين الفقراء فوراً تعد أهم واجبات الرئيس المقبل، وإلا تعرضت صورته لاهتزاز شديد، وقد يجد نفسه وجهاً لوجه أمام غضب جارف ينزعه من ملكه فى غمضة ثورة، ومن ثم يتحتم عليه أن يعيد توزيع الثروة المصرية، وهى وفيرة، لصالح هؤلاء الفقراء، وأن يسعى بجدية لأن يشكم الأغنياء ويضبط جشعهم.
أما القاهرة العتيدة، فأظن أن على الرئيس المقبل أن يشرع فوراً فى اختراع الحلول المدهشة للتخلص من فوضاها المرورية، وكثافة القبح المستشرى فى جنباتها، من أجل إعادة البهاء المفقود إليها.
أعلم تماماً أن هذه المهام الجسيمة، وغيرها كثير، لن يقدر عليها الرئيس المقبل من بين الثلاثة عشر المرشحين لأنه قادم من خارج الحلم الثورى الذى ظلل المصريين منذ فبراير 2011، لكننى واثق أن الشعب سيدفعه دفعاً للعمل على إنجازها، وأن هذا الشعب العظيم سيقف بالمرصاد إذا حاول الرئيس، أى رئيس، أن يسطو على السلطة وييسرها لحاشيته وأسرته وطبقته الجشعة، لأننا سنقول له آنذاك بالصوت الحاسم:
سيادة الرئيس... اعرف حجمك... وقف مكانك!
عدد الردود 0
بواسطة:
رضا علوان
احسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
الخوف كل الخوف