الرئيس القادم.. المولود الأول للثورة

لم يبق من الوقت إلا القليل ويبزغ فجر مرحلة جديدة فى تاريخ مصر، ونودع الفترة الانتقالية التى كانت بمثابة فترة مخاض مؤلم لولادة رئيس منتخب بأصوات الشعب، نودع فترة عانينا فيها وتعلمنا، والأهم من ذلك أننا سنتحرر من حكم العسكر، فالشعب الذى يحكمه الجيش لا يكون شعبا حرا، هكذا قال المناضل العظيم غاندى.

لأول مرة تشهد مصر فى تاريخها أكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية، وبرغم التباين بينهم فى الفكر والتوجهات، فإنك تقر بأنهم على درجات متقاربة من النضج السياسى ، حتى إنك حين تطالع برامجهم لتشعر بالحيرة فى المفاضلة بينهم، وتود لو أنه كان بإمكانك انتخابهم جميعاً.
الآن يعيش الشعب المصرى عرس الديمقراطية، وإنه لمن الباعث على الإحساس بالعزة والامتلاء بالكرامة أن كل مواطن مصرى صار يعرف أن صوته له قيمة، وأنه لا سبيل لأحد المرشحين إلى كرسى الرئاسة إلا من خلال صوته.

ليتذكر كل ناخب، حين يخلو ببطاقة الانتخاب، أن هذه الفرصة لم تكن لتتاح له إلا بأرواح شهداء، ودماء مصابين، وأعراض نساء، فليتذكر هذا جيدا، وليحسم أمره ويمنح صوته لمن يراه أهلا لمنصب رئاسة الجمهورية، ولتكن الموضوعية شعار كل ناخب ما دامت العلاقة بين الرئيس والشعب ستكون فى الإطار الدستورى والقانونى بغض النظر عن خلفية كل مرشح سواء كانت إسلامية أو يسارية، وتلك أمانة- لو يعلم الناس- عظيمة.

وأخيرا، فإنه لا يسع الجميع إلا القبول بأى رئيس تأتى به صناديق الاقتراع، لأنه لن يكون إلا بحجم هذه الثورة، ولن يزيد عن قدر الجهد الذى بذله المصريون فى الثورة، وأن أى اعتراض على فوز مرشح بعينه سيكون خروجا على الشرعية، لأن الرئيس القادم أيا من كان فإنه سوف يكون معبرا عن وعى الشعب المصرى وإرادته ومعيارا لتأثير الثورة فى تفكيره، وما علينا إلا أن نرضى به حتى لو رأى البعض أنه ليس رئيسه المنشود، ونعطيه الفرصة ليبدأ تنفيذ ما وعدنا به.. فلنطو صفحة من تاريخ مصر ونبدأ صفحة جديدة.