محمد الدسوقى رشدى

.. وثالثهما الأمل

الخميس، 24 مايو 2012 11:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاختيار نعمة.. وهاأنت بدأت تملكها.. تذهب بكامل إرادتك إلى حيث توجد صناديق الاقتراع، تقف خلف الساتر المتواضع.. وتبدأ فى الاختيار من بين متعدد.. بعد سنوات طويلة عشت فيها والحزب الوطنى يتكفل بالاختيار نيابة عنك فى البرلمان والرئاسة والمحليات.

أنا لا أريد أن أمنحك أى مقدار من «العكننة» فى يوم أعلم جيدا أنك ستظل تذكره، على اعتبار أنها المرة الأولى لك فى الاختيار.. المرة الأولى التى سيدخل فيها صوتك إلى صندوق الانتخابات، ويخرج منه إلى حيث قوائم الفرز كما هو دون تلاعب أو تزوير.

عزيزى المنفرد بصندوق الاقتراع فى حالة شرعية، ثالثكما فيها الأمل وليس الشيطان، أو يا من تستعد للوقوف فى حضرته قبل إغلاق اللجان، لا تتخلى عن الحلم.. حلمك فى وطن أفضل، ومستقبل أكثر نظافة واحتراما، لأن طوابير اليوم الأول لانتخابات الرئاسة كانت حلوة رغم سابق العداوة التى تربطنا -نحن المصريين- بها، وكان الانتظار ممتعاً بعد أن ظل لسنوات رمزاً للملل، وكان للزحمة طعم آخر غير الضيق الذى كنا نشعر به من قبل.

عزيزى الواقف فى حضرة صندوق الانتخابات، لا تفكر فى النتائج، رغم أن بعضها ربما يكون أكثر سوءا من وجود مبارك نفسه على كرسى السلطة.. ركز مع اكتشاف الشعب المصرى لنفسه ولحقه، ومع ذلك الإيمان الذى بدأ يترسخ داخل كل واحد فينا، بأن صوته أصبح له قيمة، أو بأنه نفسه أصبح له قيمة.

كان كل شىء ممتعاً، وكانت التجاوزات قليلة ومحزنة، ولكن يمكنك أن تمحوها بصور أخرى من التحضر والتفاهم والاحترام ملأت جميع اللجان فى مختلف محافظات مصر، هل كان أحدكم يتخيل أنه قد يترك زوجته أو ابنته أو أخته فى يوم من الأيام تذهب بمفردها أو حتى معه إلى لجنة انتخابية؟.. أجب عن هذا السؤال، وستعرف ما الذى تغير وما الذى كسبته مصر من يوم أمس.

كان كل شىء فى اليوم لأول لانتخاب رئيس مصر ممتعاً، إلا هؤلاء الذين حولوا العملية إلى معركة دينية يخوضونها من أجل رئيس تجرأوا على الله وقالوا إنه يدعمه، وهؤلاء الذين استسهلوا اتهام المخالفين معهم بقلة الوعى والفهم.

تنقل بنظراتك بين هنا وهناك، وستجد صور السادة المرشحين، الكل «مشتاق» لكرسى الرئاسة يقف فى الطابور بين الناس انتظارا لدوره، بعد أن كان الأمن يخلى حيّا بأكمله من أجل أن يدلى مبارك بصوته.

صور المرشحين وهم فى طوابير لجان الاقتراع ربما تمثل لك طقسا ديمقراطيا لطيفا، وربما يعتبرها البعض من الشكليات، وحركات كسب التعاطف والود، ولكنها من زاوية أخرى مطرقة كبرى تهوى لتحطم أجزاء من صنم الديكتاتور الذى نهوى فى مصر صناعته.

الأهم من صور المرشحين للرئاسة أن الناخب الذى تراه القوى السياسية فاقدا للأهلية، ويحتاج دائما إلى من يأخذ بيده، يواصل إبهار الناس بحضوره، وإصراره على المشاركة، وتأدية دوره بشكل جيد ومنظم وقانونى، بينما المرشحون والقيادات السياسية للأحزاب والتحالفات والحركات المشاركة فى الانتخابات لم ترق إلى ذلك المستوى الحضارى الذى وصل إليه الناخب المصرى، بعضهم- أى القيادات السياسية وأنصار حملات المرشحين- لم يحترم فترة الصمت، وأصر على تجاوز القانون، ومواصلة الدعاية، وبعضهم راود المواطنين عن أصواتهم بالمال، وبعضهم سعى لابتزاز المواطنين باسم الدين، بينما الليبراليون واليساريون منهم لم يخجلوا من قصر دعايتهم على أنهم طوق النجاة من طوفان التيار الإسلامى الشرير، دون أن يقدموا للناس بديلا حقيقيا ببرنامج وخطط واضحة.

عموما دعك من كل هذا «الرغى» السابق.. وافرح بأنك تنتخب لمصر ولأولادك رئيسا غير حسنى مبارك.. افرح بأن الرئيس القادم مثله مثل «الشقة» الإيجار الجديد، يمكنك أن تتركها، وتبحث لك عن بديل حينما تكتشف أنه لا راحة بين جدرانها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة