الديمقراطية فى أبسط صورها هى أن نتقبل الآخر ونتقبل ما تسفر عنه نتائج صندوق الانتخابات، لأنه مازال الأداة الوحيدة فى العالم أمام الشعوب لاختيار من يمثلها سواء فى البرلمانات أو فى مقاعد الرئاسة، فللديمقراطية مرارتها التى علينا أن نتجرعها إلى حين إذا جاءت بمن لا نرضى عنه، ولها حلاوتها التى نتذوقها عندما تأتى بمن نرضى عنه.
وليس أمامنا سوى هذا الطريق إذا أردنا أن نتحول إلى دولة ديمقراطية تؤمن بالحقوق والواجبات والحريات وتؤمن بمبدأ التداول السلمى عبر انتخابات حرة ونزيهة، وليس معنى ذلك أن نصادر على حق التعبير والتظاهر السلمى للاعتراض على نتيجة انتخابات ما أو رئيس ما جاءت به صناديق الانتخابات، وهذا حق دستورى أصيل لا نغفله.
لكن التحول إلى العنف والترويع وحرق مقار انتخابية والتهديد بالفوضى والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة هو ما نرفضه ولا نريده لأنه يسىء للثورة السلمية التى احتفظت بسلميتها حتى الآن، ويسىء لأهدافها التى قامت من أجلها فى سبيل التغيير والإصلاح والديمقراطية، فالثورات تقوم بأهداف واضحة ومحددة وتستمر سواء بالتظاهر والاحتجاج السلمى أو بأدوات سياسية أخرى، الثورات قد تنتكس ولكن لا تموت، تتعثر ولا تنكسر، لكن المهم أن ترسم لنفسها طريقا بديلا وواضحا وتعيد تنظيم نفسها.
العنف لن يجلب إلا عنفا وليس بحرق المقار والتظاهر غير السلمى نحقق أهداف الثورة، بل بإعادة تنظيم الصفوف والحفاظ على الحالة الثورية السلمية التى أفرزت لنا عبر صندوق الانتخابات زعماء حقيقيين للثورة ما يقرب من عام نصف منذ يناير 2011، ورغم مرارة النتيجة التى أوقعتنا فى حالة اليأس والإحباط والحيرة، فإنها أفرزت لنا مشروعا ثوريا عاقلا يستلهم ميراث العدالة الاجتماعية والإسلام الحضارى بقيمه السمحة وتطوره فى كل زمان ومكان، أصبح الآن لدينا زعيم حقيقى للثورة اسمه حمدين صباحى الذى تحول إلى رمز وحلم وأمل علينا أن نتمسك به ونعمل من أجل تحقيقه فى المستقبل القريب. هذا المشروع يحتاج الآن إلى تنظيم سياسى يبلور أهداف الثورة ويقدم برنامجا واضحا لها ويرسم لها خارطة طريق واضحة، يلتف حوله الملايين الذين صوتوا له واختاروه بإرادتهم وبإيمانهم به.. الديمقراطية والثورة مساران لا يتناقضان ولا يتقاطعان.