ستعتبر أنت أو غيرك بعضا من الكلمات القادمة خيانة للثورة، وكل اعتباراتك قد تبدو مقبولة إن نزعتها ولو لمرة واحدة فقط من سياق التخوين أو الانحياز لطرف ضد الآخر، وحصرت الأمر كله فى دراسة وتحليل الطرق التى يجب استخدامها للخروج من مأزق وصول شفيق للرئاسة..
فى نفس هذا المكان كتبت بالأمس عن فزورة مرسى وأحمد شفيق التى تحولت إلى لغز مصرى أصيل يصدر حيرة ومخاوف استفهامية بلا أجوبة، وقلت إن الحل الوحيد لتلك الفزورة ميدان التحرير، أو بمعنى أدق العودة إلى ميدان التحرير لمواجهة أى محاولة لصناعة ديكتاتور جديد، وهدم أى تصور قد ينمو فى ذهن أى مرشح سواء كان مرسى أو شفيق أن الوضع فى مصر قد يعود إلى ما قبل 25 يناير 2011، باختصار أكثر كنت أتحدث عن ضرورة أن يتحول الميدان إلى درع وسيف، درع جاهز لحماية مدنية الدولة وثورة التغيير وضمان عدم العودة إلى ممارسات عهد مبارك، وسيف يهاجم ويقلق كل تيار أو رئيس أو مسؤول كبير حتى يدرك أنه لم يعد فى مصر سلطة قد يستقر لها الأمر إلا بخدمة الناس وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والإصلاح السياسى الذى نادت به الثورة.
هذه هى وظيفة الميدان الحقيقية التى نريدها سواء كان الرئيس القادم محمد مرسى، أو أحمد شفيق، وإعانة ميدان التحرير على أداء هذه الوظيفة دون شطط أو مزايدة هو الضمان الحقيقى ألا تضار مصر أو الثورة من شفيق أو مرسى مهما كانت المخاوف من تبعات وصول أحدهما للحكم.
على الجانب الآخر يبدو أى خطأ فى استخدام الميدان أو تحديد وظيفته فى المرحلة القادمة بمثابة انتحار جديد أو ربما نهائى لجموع المعبرين عن تلك الثورة أو الثورة نفسها، لأن استخدام ميدان التحرير على طريقة مضغ «لبانة» يذهب سكرها وحلاوتها بعد دقائق يساعد على زيادة الفجوة بين الثورة وأهلها وبين المواطنين الذين ستهزهم وتصدمهم وترعبهم فكرة مقابلة نتائج الانتخابات والعملية الديمقراطية بكل هذا العنف والرفض خاصة بعد أن شهدوا بأعينهم جموع رموز الثورة والمرشحين وهم يشاركون فى الانتخابات الرئاسية دون أى اعتراض أو مقاطعة بل وقام بعضهم بالإشادة بالعملية الانتخابية ونزاهتها.
حرق مقر حملة شفيق الانتخابية والنزول إلى التحرير بشكل بدا وكأنه رفض للعملية الديمقراطية خاصة بعدما صاحبه إهانة لجموع المواطنين الذين صوتوا للإخوان ولشفيق، يعزز الصورة «العيالية» والعبثية التى يرسمها المواطنون الخائفون والحائرون لشباب الثورة وممثليها، وفى نفس الوقت يرجع بنا إلى المربع صفر الخاص بالحديث حول عدم قدرة ممثلى الثورة على العمل السياسى المنظم والتواصل مع الشارع، وهى تهمة باطلة يمكن الرد عليها بالـ9 ملايين صوت التى حصل عليها حمدين وأبوالفتوح بجهود المتطوعين من الشباب الذين أسسوا لحملتين كانتا الأكثر إبهاراً وتنظيماً بين حملات كافة المرشحين بأقل الإمكانيات والخبرات.
وبناء على كل ما سبق فإن دعوات نوارة نجم الخاصة بالاعتصام فى ميدان التحرير لإلغاء الانتخابات تدخل تحت بند المراهقة السياسية، وهى لا تختلف كثيراً عن قيام خالد على المرشح الرئاسى الخاسر بالنزول إلى ميدان التحرير والهتاف ضد الانتخابات وضد من انتخبوا أحمد شفيق فى تصرف لا يوجد أدل منه على كيفية انهيار الثورات بسبب عبثية وسذاجة المتحدثين باسمها والمعبرين عنها، ففى الوقت الذى كان من المفترض فيه أن يجلس خالد على فى منزله ليدرس أسباب فشله وحصوله على عدد أصوات أقل من تلك التى يحصل عليها مرشحو المحليات أو اتحادات الطلبة، نزل مهرولاً ليدرأ عن نفسه فكرة الفشل ويعلقها مستسهلاً على كتف المواطن الذى يتهمه بأنه منبطح وخاضع وعبد لأنه اختار شفيق.. دون أن يدرك خالد على ومن معه أن الذين اختاروا الثورة ضعف من اختاروا شفيق، وأن الذين اختاروا شفيق نصفهم على الأقل فعل ذلك بسبب تصرفات خالد على ونوارة نجم ومن مثلهم، وربع النصف الآخر فعل ذلك لأن أهل الثورة فشلوا فى أن يضربوا له المثل فى التوحد وإنكار الذات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة