نجحوا فى إسقاط النظام، وعجزوا عن الربح فى صناديق الانتخابات.. مقولة ظلت صالحة حتى انتخابات مجلس الشعب، لكن المفارقة أنه كان فى إمكانهم الفوز فى الصناديق، ومع هذا خسروا بسبب سوء التقدير. حصل مرشحون محسوبون على الثورة على 9 ملايين صوت، ومع هذا خرجوا جميعا من السباق بسبب التفتيت، والتصارع الذى أفاد من هم أقل حظا وفرصة.
حصل حمدين صباحى، وعبدالمنعم أبوالفتوح على 8.8 مليون صوت، لكنها انقسمت بينهما، فإذا أضيف إليهما خالد على يقترب الرقم من 9 ملايين. الثلاثة خسروا بدرجات متفاوتة، بينما كان يمكنهم أن يكسبوا لو تحالفوا ضمن فريق رئاسى كما طلب منهم الكثيرون. كان يمكن أن يكون هناك ثلاثة معا، وفضّل كل منهم أن يبقى الأول، فخسروا ثلاثتهم.
هذا هو الخطأ الذى يجب دراسته قبل دراسة أسباب التصويت لكل من مرسى وشفيق، المرشحين اللذين خاضا فى الوقت الضائع، ووصلا إلى الإعادة، ويفضل البعض البحث عن شماعة، بدلا من أن ينظر فى المرآة.
الخطأ فى التكتيك، والتخطيط، وحسابات المنافسة التى يفترض أن يتسلح بها من يخوض منافسة ضد خصوم يخططون.. ولا يفترض أن يبحث الخاسرون والمحللون والمحرمون و«المفصصون» عن شماعات يعلقون عليها أسباب خسارتهم، بينما الأسباب تكمن داخل التكوين نفسه.
وعلى من يتحدثون عن مصائر الثورات وخبراتها، عليهم أن يعترفوا بفشلهم فى عمل جماعى، وتحديد الخصم الأساسى والفرعى.. خالد على- مثلا- يرفض نتائج الانتخابات، مع أنه كان يخوض كنوع من التمثيل المشرف.. عبدالمنعم أبوالفتوح يرفض الاعتراف بالنتائج، وهو أمر يضعه فى موقف محبط لأنصاره، ولمن صوتوا له، ممن يعرفون أنهم حققوا نتيجة يمكن البناء عليها، فضلا على خطأ التفتيت مع حمدين.
لا يكفى اتهام من صوتوا لمرسى أو شفيق بأنهم فعلوا ذلك بضغوط، بينما الواقع أن الكتلة التصويتية لمرشحى الثورة أكبر، ومع هذا تحول الفوز إلى خسارة.
مادام منظرو الثورة يشيرون إلى تجربة الثورة الرومانية، وكيف فاز رجل شاوشيسكو بالرئاسة، وتم إعادة إفراز النظام السابق، كان عليهم الانتباه إلى الأخطاء التى دفعت بالمحافظين إلى المقدمة.. يتهمون النظام السابق بالتكتل والتخطيط لتفريق الثوار، ومع علمهم بالمخططات يفعلون كل ما يساعد على تنفيذها.. يغادرون الجماعة ويعملون كأفراد، ربما كان عليهم أن يلتفوا حول مرشح واحد حتى لو كانوا يوافقون على بعض أفكاره، ويرفضون بعضها، هم لم يفعلوا، وبالتالى خسروا.
ويواصلون التناقض.. يقول البعض إنه كان يفضّل عمرو موسى على شفيق، بينما هما من نفس الموقع. يقولون إن الثورة ومرشحيها حصلوا على 9 ملايين صوت، ثم يتحدثون عن تلاعب، ولا يلتفتون إلى أخطاء التفرق، والصراعات البينية، والعجز عن العمل ضمن فريق، وغياب الأولويات وبناء التحالفات.. الفُرقة هى الآفة التى تدمر التيارات وتضعفها، وتحول الفوز إلى خسارة.