بسرعة وبدون استعدادات.. تحولت أحداث العباسية إلى مولد وصاحبه غائب، بالرغم من حضور أعداد مختلفة من الائتلافات والاتجاهات والنشطاء والنشيطات. ومرشحى الرئاسة، وطالبى الشهرة، والراغبين فى الهيصان مع الهيصة.. وحتى لانكون مترصدين فليدلنا واحد من الموجودين الآن فى الاعتصام، عن الهدف الذى تحلقوا حوله. فالحديث عن تسليم السلطة أو إنهاء حكم العسكر، يدخل طور التنفيذ، ولاجديد فيه غير مزيد من الضجة الفارغة.
وهذا التزاحم من كل الألوان والأنواع والأشكال، لايعكس توحدا على هدف، وكل فصيل فى نفسه رغبة أو هدف، والضحايا مجرد أدوات لتحقيق مكسب سياسى أو انتخابى أو إعلامى، بينما الشعب ومطالبه وحيرته لاتشغل اهتمام المستعرضين فى الهيصة.
الاعتصام تحول إلى مناسبة للاستعراض، بصرف النظر عن أى نتائج متوقعة أو غير متوقعة، تجاهلوا أولا وهو أن الاعتصام ضد استبعاد حازم أبوإسماعيل، وانضم طلاب الكاميرا، بدعوى التضامن مع حق الاعتصام. أعلنت حركة 6 إبريل عدم مشاركتها الرسمية، وعادت وأصدرت بيانات تدين وتؤكد. ومثلهم انضم ائتلافيون ومستعرضون من كل اتجاه.
الشيخ محمد الظواهرى العائد من الخارج، ذهب لمكان الاعتصام مع عدد من الملثمين بغطاء أسود على الوجه، رافعين الأعلام السوداء، وقال إنهم سيعتصمون، ولن يغادروا الميدان حتى يتم تسليم السلطة. طبعا لا أحد يعرف تصورات السيد الظواهرى عن السلطة أو نقلها، وتصورات الجهاديين السابقين عن السلطة ليست على مايرام. لكنه يريد أن يهيص مع الهيصة، ثم إن الأعلام السوداء تنتمى لجماعات أفغانستان والقاعدة ولا علاقة لها بعلم مصر، وهو بالطبع يريد إنهاء حكم العسكر، ليقيم حكما عسكريا على طريقة تورا بورا أو طالبان، وقد ظهر فى هتافات أنصاره عن الجهاد والإمارة والخلافة، التى لاتنتمى لمصر ولا للإسلام، أو تداول السلطة. وهذا الحلف الجديد للجهاديين مع أبوإسماعيل، لم يلفت نظر مناضل يسارى يحب الهيصة مع الهيصة، يرى الأمر مجرد فوبيا.
ولأن الهيصة تحب الهيصة، فقد أصبح الاعتصام مكانا للدعاية الانتخابية لمرشحى الرئاسة، الذين أعلن بعضهم وقف حملاته الدعائية، بينما استغلوا الحدث لممارسة أعلى أنواع الدعاية، ولم يقل أى منهم رأيا لأنهم لايريدون إغضاب أحد، وانضموا إلى هيصة الاعتصام وهيصة المليونية، التى يقولون إنها من أجل تسليم السلطة، بينما يساعدون من يريد التأجيل سواء المجلس العسكرى أو غيره. وتسليم السلطة باقى عليه عشرون يوما وبدلا من نشر الافتراضات التى تقوم على افتراضات.
المهم أنه وسط الزحام والهيصة تتوه الحقيقة، وتختفى التأسيسية والدستور أو حتى مطالب البنى آدمين فى الأمن والعلاج والفقر والمرض والدعم والبوتاجاز والسولار، بينما الهيصة منصوبة، لايهم الهائصون ماذا يجرى، إما لأنهم لايعانون مايعانيه الناس، أو لأنهم يربحون من الهيصة ويوظفون أنفسهم فيها.